انطلقت شرارة الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الاول تحت شعار “كلّن يعني كلّن” رفضاً لاستمرار اركان الطبقة السياسية التقليدية في السلطة بعد عقود من الحكم كان بنتيجتها دين تجاوز الثمانين مليار دولار وفساد مُستشيرين في القطاعات كافة.
ولم يكتفِ المنتفضون بهذا الشعار بل وضعوا مطالب عدة ابرزها تشكيل حكومة مستقلّة من اصحاب الاختصاص والخبرة واجراء انتخابات نيابية مُبكرة، لان المجلس النيابي الحالي فقد شرعيته والثقة الشعبية به.
واذا كانت الاكثرية الحاكمة “تروّج” الى تخلّت عن جنّة السلطة استجابةً لمطالب الانتفاضة بتشكيل حكومة مستقلّين تضمّ وزراء من اصحاب الاختصاص-كما تدّعي، وهو ما رفضته الانتفاضة وواجهته بمضاعفة زخمها في الساحات والطرقات وفي المناطق، كيف ستتعاطى مع مطلب اخر للانتفاضة وهو الدعوة الى انتخابات نيابية مُبكرة اي تقصير ولاية المجلس الحالي، وهي التي تعتبر انها “ضحّت” بنفسها وبثقة من انتخبها فغابت سياسياً عن الحكومة الجديدة ولم توزّر حزبيين كما كانت تفعل مع الحكومات السابقة؟
وتؤكد اوساط في الانتفاضة لـ”المركزية” “ان لا تراجع عن مطلب تقصير ولاية المجلس الحالي والدعوة الى انتخابات نيابية مُبكرة تُجرى هذا العام، ومعظم مجموعات الانتفاضة متّفقة على ذلك”.
كيف السبيل الى تحقيق هذا المطلب، تُجيب الاوساط “على المجلس النيابي ان يُبادر في اوّل جلسة تشريعية يعقدها الى اتّخاذ قرار بتقصير ولايته التي تنتهي رسمياً في ايار 2022، وتحديد موعد لاجراء الانتخابات النيابية هذا العام”.
ومع ان السيناريو اشبه بالسوريالي على اعتبار ان المجلس النيابي الحالي الذي تتألّف منه الاحزاب التقليدية المشاركة في السلطة منذ عقود وتّتهمها الانتفاضة بايصال البلد الى ما هو عليه من ازمات مالية واقتصادية مُستفحلة، لن يوقّع اعضاؤه على نهاية خروجهم من الحكم، لانهم يدركون سلفاً ان غضب الشعب عليهم وعلى سياستهم لن “يرحمهم” انتخابياً، تتمسّك الانتفاضة بمطلب الانتخابات النيابية المُبكرة وترفض التذرّع بأي حجّة مهما كانت دستورية، لان ما بُني على باطل هو باطل.
وتّصر اوساط الانتفاضة على ضرورة “ان يبادر النواب، لاسيما الذي اعلنوا انضمامهم الى صفوف المعارضة الى مطالبة رئاسة المجلس باتّخاذ قرار بتقصير الولاية ودعوة الهيئة العامة الى الاجتماع لاقرار ذلك”.
اما عن تذرّع نواب الامّة بأن لا اتفاق على قانون انتخابي بين القوى السياسية لاجراء الانتخابات النيابية المُبكرة على اساسه، لان البعض منها طالب بتعديل القانون الحالي (النسبية مع الصوت التفضيلي) والبعض الاخر بإقرار قانون جديد يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبية، رفضت الاوساط هذه الحُجج، وشددت على اجراء الانتخابات المُبكرة وفق القانون الذي جرت على اساسه انتخابات العام 2018″.
وقالت “لا يجوز في كل مرة يُثار فيها موضوع الانتخابات ان يترافق مع الحديث عن ضرورة الاتفاق على قانون انتخابي جديد. نحن لا نُمانع اجراء الانتخابات المُبكرة وفق القانون الحالي ويمكن تعديله لجهة إلغاء الصوت التفضيلي او جعله صوتين بدل واحد”.
ولا تكتفي الانتفاضة بالانتخابات النيابية المُبكرة بل تطالب باجراء انتخابات رئاسية مباشرةً بعد تشكيل مجلس نيابي جديد، لان برأي اوساطها “لا مفرّ من تحقيق شعار “كلن يعني كلن”. من اعلى الهرم الى اسفله، وذلك من اجل تجديد الطاقم السياسي كي يقود مرحلة الانقاذ وبناء لبنان الجديد”.