Site icon IMLebanon

هل تنجح حكومة دياب في امتحان استعادة المال المنهوب؟

منذ تكليفه تشكيل الحكومة، وضع الرئيس حسان دياب نصب عينيه العمل على مكافحة الفساد، وفي ذلك محاولة لإرسال الاشارات الايجابية إلى الحراك الشعبي الذي لم يتأخر في التعبير عن امتعاضه من “رسو” الخيار الحكومي على دياب، علما أنه كان وعدهم أيضا بتأليف حكومة اختصاصيين مستقلين عن الأحزاب السياسية.

وإذا كانت التشكيلة الحكومية لم ترض الحراك ولا تزال تبحث عن ثقة المنتفضين وبعض النواب المناوئين للنهج السياسي السائد في البلاد، فإن أوساطا وزارية تؤكد لـ “المركزية” أن “الرئيس دياب يبدو عازما على تسديد هدف إطلاق العنان الجدي لمكافحة الفساد في مرمى المشككين في قدرة الحكومة على ذلك، في محاولة لطمأنة الشارع من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى، في وقت تتوالى النداءات الدولية للسلطات اللبنانية بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة لنيل المساعدات الموعودة .

على أن أحدا لا يشك في أن التحدي الأكبر أمام الحكومة الوليدة، إلى جانب معالجة أزمة إقتصادية قد تكون الأخطر في تاريخ لبنان الحديث، يكمن في العمل على استعادة الأموال المنهوبة، وهو أمر كرسه الثوار على رأس مطالبهم منذ إنطلاق الحراك الشعبي، قبل أكثر من ثلاثة شهور.

وإذ ينقل عن مسؤول سياسي سابق تأكيده أن هناك مالا منهوبا يفترض أن تجري في شأنه التحقيقات اللازمة تلبية لمطالب الحراك والناس، بعد أكثر من ثلاثين عاما على انتهاء الحرب الأهلية، تدعو الأوساط الوزارية عينها الأجهزة الأمنية لصب جهودها على استعادة هذا المال من مزاريب الهدر والفساد المعروفة، من المرفأ إلى المطار والمعابر الشرعية وغير الشرعية، حيث ينشط تهريب البضائع، تبعا لما أعلنه عدد من النواب، قبل إنطلاق الثورة، علما أن وزير الدفاع السابق الياس بو صعب كان اعترف بأن هناك 150 معبرا غير شرعي، وهو ما سبب سجالا عنيفا في البلاد، على اعتبار أن هذا الاعتراف يشير إلى أن الدولة وسلطاتها الرسمية على دراية تامة بوجود هذه المعابر، غير أنها لا تعمل بالشكل المطلوب لإقفالها ومكافحة ظاهرة التهريب عبرها.

غير أن الأوساط الوزارية تلفت في الوقت نفسه إلى أن من الأهمية بمكان أيضا الاقدام على محاسبة بعض الموظفين في القطاع العام، وآخرين ممن تولوا الشأن العام في خلال العقود الثلاثة الماضية، خصوصا في بعض المرافق التي شهدت “هدرا” للمال العام، وهو ما طالب به الوزير السابق ميشال فرعون في تصريح، مركزا على قطاع الكهرباء، علما أنه المرفق العام الأكثر إثارة للجدل والشبهات في الأوساط السياسية.

وفي وقت أكدت وزيرة العدل الجديدة ماري-كلود نجم أنها لن تسمح بأي تدخلات في القضاء، تعول الأوساط الوزارية على استقلالية السلطة القضائية، لتحقيق نتائج ملموسة في مجال مكافحة هدر المال العام واستعادة الأموال المنهوبة، خصوصا أن السلطة السياسية تبدو حريصة على ضخ الأجواء الايجابية، من حيث التأكيد أن زمن “الحمايات السياسية” و”المظلات الواقية” والمحسوبيات في مجال الفساد ولّى إلى غير رجعة، في ما يعد محاولة واضحة لامتصاص نقمة الثوار.

وفي انتظار ما سينتهي إليه هذا المسار المحفوف بالألغام السياسية، ينقل عارفون بكواليس الحراك عن أوساطه قولهم إنهم مستمرون في إعداد الملفات المتعلقة بهدر المال العام في أروقة الدولة، ويترصدون طريقة تعامل السلطات الرسمية معها.