IMLebanon

العونيون والحكومة: سنرجمها إذا أخطأت

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

 

فريدة هي حكومة حسّان دياب في تركيبتها، واستثنائية في الظروف التي تحيط بها. بموازاة مواجهتها أكثر الأزمات تعقيداً وصعوبة، عليها التصدي لثلاث جبهات:

أولاها، المجتمع الدولي الذي يقف لها بالمرصاد مراقباً كل خطوة قد تقدم عليها ليقرر أي مفترق سيسلكه معها، فإما يمنحها بركته وإما يطيح بها في ليلة لا ضوء قمر فيها. ثانيتها، الشارع المنتفض الذي يتصرف على قاعدة “شيطنة” كل ما له صلة بالطبقة السياسية وقد يتحول مع اشتعال بركانه من جديد، من موجة ثائرة إلى تسونامي مدمّرة فيما لو عجزت الحكومة عن إقناع الرأي العام بسلامة سلوكها وأدائها. ثالثتها، المعارضة البرلمانية التي ستثبتها القوى السياسية لا سيما من جهة الثلاثي “المستقبل” – “القوات” – “الاشتراكي”، الذي وإن منح الحكومة “فرصة غير معلنة” لكنه سرعان ما سينقضّ عليها.

وبالتالي، لا يمكن لحكومة حسّان دياب الصمود في وجه العواصف التي ستأتيها من كل اتجاه، إذا لم تنجح في تحييد إحدى هذه الجبهات لتكون في صفّها وتكمل طريقها، وإلّا ستسقط بالضربة القاضية. فحتى القوى الداعمة لها، تتصرف على قاعدة أنّ الحكومة مولود لقيط ترفض الاعتراف بأبوتها له. ويذهب بعض الخبثاء إلى حدّ التأكيد أنّ لا حصانة لهذه الحكومة في البيئة السياسية، ليستطردوا بالسؤال: هل للقوى السياسية مصلحة بنجاح حكومة اختصاصيين يفترض أنّهم حلّوا محل الحزبيين كونهم “منبوذين” من الشارع؟ هل ستسمح الطبقة السياسية بتكريس ظاهرة حكومات التكنوقراط كنموذج ناجح؟

حتى الآن، ثمة فرصة ولو محدودة جداً تجعل الحكومة بمنأى عن نيران الشارع الذي يتخبط بين خوفه من تدحرج الأزمة المالية الاقتصادية نحو المزيد من “الخراب” و”المصائب” الاجتماعية، وبين “قبوله” لعدد من الكفاءات الأكاديمية التي تحتضنها الحكومة، وبين رغبته في الإطاحة بكل الموجود تعبيراً عن غضبه وسخطه من سلوك مضى عليه ثلاثون عاماً.

فيما المجتمع الدولي يقيس خطوات الحكومة بميزان الذهب. وضعها برمتها في مختبر التجارب الصعبة. عينه من جهة على الاجراءات الإصلاحية التي لا بدّ منها للخروج من النفق المظلم، وخوفه من جهة أخرى من الغرق في الفوضى الأمنية. أما القوى السياسية الداعمة للحكومة فتعاني من الانفصام في تفاعلها مع الحكومة. لا مصلحة في دعمها المطلق ولا قدرة على “رجمها” حتى الموت كونها خشبة الخلاص الوحيدة المتوفرة في هذه اللحظة.

ولهذا مثلاً، يقول أحد نواب “التيار الوطني الحر” إنّ “تكتل لبنان القوي” سيتعامل مع الحكومة على “القطعة”: “ليس هناك التزام مطلق ولا طلاق مطلق. اذا أحسنت التصرف سنكون إلى جانبها، وحين ستخطئ لن نوفرها من معارضتنا”، مشيراً إلى أنّ كل القوى السياسية لا تملك ترف “التسلية” بهذه الحكومة، وهي مجبرة لا بطلة على تسهيل عملها ومساعدتها برلمانياً قدر الامكان كي تقوم بمهمتها المستحيلة، لأنّ الجميع في مركب واحد، والغرق سيكون حتمياً.

حتى الآن، يرى النائب ذاته، أنّه بالشكل تعمل مكونات الحكومة بجدية ملفتة وفق ما بيّنه سلوكها خلال صياغة البيان الوزاري، وتظهر وكأنها فريق عمل متجانس قادر على انجاز العمل المشترك، محصّنة من الخلافات الداخلية على عكس الحكومة المستقيلة التي عانت الأمرين من المناكفات بين أركانها، فيما الانطباع الأول لبعض الدول المعنية، إيجابي يوحي وكأنّ الفرصة الممنوحة للحكومة، جدية وقد تتحول إلى خطوات عملية داعمة.

أما غير ذلك، فإنّ برنامج عمل “تكتل لبنان القوي” في المرحلة المقبلة سيتركز في المجالات الآتية:

– الأزمة المالية الاقتصادية التي تشكل الهاجس الأهم وذلك من خلال قيادة سلسلة مبادرات على مستوى “التيار الوطني الحر” و”التكتل” بالتعاون مع هيئات كنسية ومدنية تهدف إلى التشجيع على تنمية القطاعات الانتاجية، الصناعية والزراعية، خصوصاً وأنّ الأشهر المقبلة ستشهد تصفيراً للاستيراد لا سيما في ما يخصّ الكماليات، ويفترض باللبنانيين أن يتعاونوا للاعتماد على أنفسهم لتسديد حاجاتهم الاستهلاكية.

– مكافحة الفساد من خلال الانكباب على ورشة تشريعية ستبدأ قريباً في اللجنة المنبثقة من اللجان المشتركة بالتعاون مع وزارة العدل ونقابة المحامين وعدد من القضاة، بغية وضع شبكة أمان تشريعية تساعد في مكافحة الفساد من خلال اقرار سلة المشاريع المطروحة ضمن قانون واحد أو منظومة قوانين متكاملة، ورمي الكرة في ما بعد في ملعب السلطة القضائية لتقوم بواجبها في مكافحة الفساد، “لأننا لن نقبل بعد اليوم بسرقة شعاراتنا، وسنتفرّغ في المرحلة المقبلة لنثبت أنّنا لم نكن نبيع الناس كلاماً ووعوداً فضفاضة”.