كتبت حنان حمدان في صحيفة الشرق الأوسط:
مضى 11 يوماً على إضرابه عن الطعام، ولم تتحرك السلطات اللبنانية لتحقيق مطالب المواطن اللبناني نزيه خلف، الذي قرر أمس تعليق إضرابه عن الطعام بعدما وصلت صرخته إلى الفاتيكان.
خلف ناشط في الحراك الشعبي الذي انطلق في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتخذ خطوة الإضراب عن الطعام وسيلة للضغط على السلطة من أجل تحقيق مطالب المحتجين. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «علقت إضرابي عن الطعام بانتظار رد البابا على رسالتي التي أرسلتها له، ولأنني رضخت لطلب الأصدقاء والمنتفضين الذين دعموا خطوتي هذه، ولكنهم يخافون أن تتدهور حالتي الصحية. وإلى أن يصلنا رد الفاتيكان، سنتخذ الخطوة المقبلة، والتي يمكن أن تكون إضراب عدد من المحتجين عن الطعام».
وفي 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن خلف عبر صفحته في موقع «فيسبوك» إضرابه عن الطعام، وذلك بعد مرور 96 يوماً على وجوده في ساحة الاعتصام وسط العاصمة بيروت، من أجل تحقيق مطالب معيشية، وبعد أن تقاعست الدولة عن تحقيق المطالب. هو الأربعيني الذي عرفته ساحات الاعتصام منذ بداية التحركات الشعبية في عام 2015، ترك منزله وعائلته منذ بدء انتفاضة 17 أكتوبر، ونصب خيمته في ساحة وسط بيروت، متنقلاً بين رياض الصلح والعازارية، ولم يترك الساحة حتى اليوم.
ويشرح خلف بأنه حين اتخذ قرار الإضراب عن الطعام: «لم أكن أنتظر أن يسمع صرختي أي من السياسيين؛ لأنني أدرك تماماً أنهم غائبون عن السمع، وربما لا تصلهم أخبارنا حتى، والدليل على ذلك أن أحداً لم يستجب لمطالبنا؛ لكنني قررت الإضراب من أجل العيش بكرامة وسلام، إذ إن صحتي ليست أهم من كرامتي».
وكان خلف قد بعث رسالة إلى الفاتيكان علَّها تصل إلى البابا فرنسيس، شرح فيها حال اللبنانيين قائلاً: «نحن اليوم نعيش في هذا البلد مذلولين في كل تفاصيل حياتنا، في أكلنا وشربنا ومياهنا، وحتى طبابتنا وتعليمنا، ومن في السلطة يشنون حرب التجويع علينا، ويحاربوننا بلقمة عيشنا. حاولنا التعاطي مع هذه السلطة بكل الأساليب وجميعها باءت بالفشل، واتخذت قراراً بالإضراب عن الطعام لمواجهة هذه السلطة الفاسدة. اليوم ألجأ إليكم وأرجو أن تضعوا حداً لهذه الحرب، من خلال كلمة تتوجهون فيها إلى من هم في السلطة لدينا»، معتبراً أن توجه البابا في كلمته إلى السياسيين، قد يلقى صدى، أقله على المستوى المعنوي للثوار، وهو واحد منهم، وجد أن السلطة تتعاطى بلا مبالاة تجاه مواطنيها.
وفي هذا السياق، زار وفد من جريدة «الفاتيكان» خيمة خلف في وسط بيروت، وهم يعملون على إيصال رسالته، وقال خلف إن الرد سيصله بعد تسعة أيام.
تشبه حال خلف حال كثير من اللبنانيين، الذين يعانون من فقدان الأمل في إيجاد فرصة عمل جيدة. مر بظروف صعبة جعلته غير قادر على تأمين أساسيات الحياة لعائلته الصغيرة، زوجته وابنته (10 أعوام)، أقلها عدم قدرته على إضاءة منزله، وصولاً إلى إكمال دراسة ابنته. نزل منذ بداية الثورة إلى ساحة الاعتصام آملاً حصوله على أبسط الحقوق، من طبابة ومسكن وضمان شيخوخة.
والحال، أن خلف قبل يومين قرر الإضراب أيضاً عن شرب المياه، اعتراضاً على تصرفات الأجهزة الأمنية في ساحات الاعتصام، جراء إقدامهم على فتح الطرقات وإخلاء مداخل الساحات من عناصر قوى الأمن، ومحاولات فض الاعتصام بما يخالف أحكام الدستور اللبناني، لا سيما المادة الثامنة التي تحفظ الحريات العامة، والمادة 13 التي تحفظ حرية الرأي والتعبير.