كتبت رلى ابراهيم في “الاخبار”:
في بلدية بصاليم ومزهر والمجذوب، تتجاوز القضية مسألة هدر الأموال لتصل الى المسّ بأموال المواطنين. الأسبوع الماضي، ادّعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون على رئيس بلدية بصاليم ومزهر والمجذوب جورج سمعان، وفقا للمادة 363 من قانون العقوبات التي تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات سجناً، في الدعوى المقامة من المحامي رياض مزهر على خلفية «التلاعب بتسعيرة المولدات الكهربائية». وأحالت عون الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان. التلاعب بتسعيرة المولدات يقود حتما الى مافيا المولدات التي تعمل بالتضامن والتكافل مع رؤساء البلديات. وذلك فساد من نوع آخر، يسلب آلاف الدولارات من جيوب المواطنين سنويا، ولكن عبر فواتير رسمية. لم يصدر بعد أي قرار ظني بحق رئيس البلدية، لكن التحقيقات التفصيلية التي قامت بها شعبة المعلومات بإشراف النيابة العامة، دفعت بمحافظ جبل لبنان محمود مكاوي الى اعطاء الاذن بملاحقة رئيس البلدية منذ نحو شهرين.
وفي تفاصيل الدعوى، كان فرق تسعيرة فاتورة الاشتراك بين بصاليم والمناطق المجاورة يتراوح بين 30 ألف ليرة و50 ألفاً للاشتراك الواحد. ورئيس البلدية شريك في ملكية المولدات التي «تحتكر نحو 90 في المئة من المشتركين في البلدة، أي نحو 6 آلاف وحدة سكنية».
بعد استحصال المدّعي على عدد ساعات انقطاع الكهرباء في بصاليم، وإجرائه مقارنة بين الأسعار في بصاليم من جهة وانطلياس وجل الديب المجاورتين لها من جهة ثانية، تبيّن ان سعر الاشتراك في الأولى أعلى بعشرين دولاراً على الأقل (لكل 5 أمبير). ويشمل ذلك الاحياء التي تتغذى من خط الكهرباء نفسه. وبحسب تقديرات المدّعي، فإن الربح الإضافي لرئيس البلدية وأصحاب المولدات التي تغذي البلدة يبلغ نحو 300 ألف دولار شهريا أي 3 ملايين و600 ألف دولار سنويا، أي 21 مليون و600 ألف دولار على مدى 6 سنوات ترأس فيها سمعان البلدية.
«مافيا المولدات» تعمل بالطريقة نفسها، في غالبية المناطق، وليس في بصاليم وحدها. وعمل المافيا كان يتم بالتواطؤ بين المؤسسات المعنية ورؤساء البلديات والقائمقام وصولا الى المحافظ . ففي المتن الشمالي ،مثلا، تصدر تسعيرة المولدات الكهربائية عن كل شهر من القائمقامية بالتعاون مع مراقب المولدات في محافظة جبل لبنان داني أوديشو (آنذاك)، علما أن الأخير صاحب مولدات في مناطق عدة في القضاء. «الأخبار» اتصلت بمحافظ جبل لبنان لسؤاله عن السبب وراء تعيين أوديشو لهذه المهمة وما تحمله من تضارب في المصالح، فأكد أنه فور تسلمه مهامه لم يجدّد للأخير. أما عن التأخير في رفع الحصانة عن رئيس بلدية بصاليم، فقال إن التحقيق الأول الذي وصله لم يكن جديا ولا مقنعا، في حين أن تحقيق فرع المعلومات تضمن معلومات تستحق اعطاء الاذن لملاحقة رئيس البلدية، ولكن لا يمكن كف يده الا بعد صدور قرار ظني يتهمه.
بدوره، رئيس بلدية بصاليم قال لـ«الأخبار» إنه تحت سقف القانون ويلتزم بقرارات القضاء، نافياً أن يكون «هناك تلاعب في التسعيرة التي هي خارج صلاحياتنا»، مؤكداً أن في حوزته المستندات التي تدعّم موقفه.