في وقت يجهد رئيس الحكومة حسان دياب لإعطاء الرأي العام المنتفض والمجتمع الدولي إشارات جدية إلى المضي في الإصلاحات المطلوبة لنيل المساعدات، يبدو أن ألغام تصفية الحسابات السياسية بين القوى والأحزاب التي وجدت نفسها على حين غرة خارج الجنة الحكومية، نظريًا على الأقل، لن تتأخر في الانفجار دفعة واحدة في وجه الفريق الوزاري، الذي لم ينل بعد ثقة المجلس النيابي. فإلى جانب الهم الاقتصادي الذي يوليه دياب وحكومته الأولوية القصوى، يبرز مطب التعيينات في بعض المواقع الإدارية والسياسية والمالية الحساسة، الذي يشكل أول امتحان لقدرة الحكومة على الصمود في وجه الخلافات التقليدية.
وفي السياق، كشفت أوساط وزارية لـ”المركزية” أن “في إطار خطواتها الطموحة لتسيير العجلة الاقتصادية والإدارية في البلاد، تتجه الحكومة إلى وضع يدها على ملف التعيينات، الصفيح الساخن الذي لم تتمكن حكومة الرئيس السابق سعد الحريري من القفز فوقه تلبية لمتطلبات المجتمع الدولي، خصوصًا لجهة تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء”.
وتتوقع الأوساط أن “ينطلق قطار التعيينات من نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة الذين انتهت ولايتهم في آذار 2019، ولم تستطع الحكومة الحريرية ملء هذه الشواغر بفعل الخلاف الذي نشب بين رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل وحزب “الطاشناق” حول نائب الحاكم الأرمني هاروت صاموئيليان، الذي كان الطاشناق يريد إبقاءه في موقعه، وهو خيار عارضه باسيل ما عطل مسار التعيينات”.
على أن مصادر سياسية في المعارضة “لا تستبعد أن ينفجر الخلاف مجددًا مع باسيل، الذي قد يلجأ إلى العودة إلى العزف على وتر الاستئثار بالحصة المسيحية من التعيينات، من باب الشعار الشهير القائل باسترداد “حقوق المسيحيين” في أروقة الدولة اللبنانية، في محاولة لتأكيد استمرار حضوره الشعبي القوي على رغم أن الثوار نجحوا في تجاوز الانتماءات السياسية والحزبية التقليدية”.
في المقابل، وفي انتظار ما سيؤول إليه مسار العلاقات بين “التيار” والحكومة الجديدة، رجحت المصادر أن “تعمد التشكيلة العشرينية إلى ملء الشواغر في بعض المجالس والهيئات الناظمة، لاسيما تلك المتعلقة بالكهرباء والنفط والغاز”، معتبرة أن “من مصلحة الحكومة تجاوز المطالب وتناتش الحصص الذي يرافق كل سلة من التعيينات واللجوء إلى آلية التعيين التي أقرت عام 2010 في عهد الرئيس ميشال سليمان. وفي ذلك المخرج اللائق للقفز فوق تصفية الحسابات، ولوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، خصوصًا أن دياب فشل في اتباع هذا المبدأ في خلال عملية التشكيل”.
ولم تسقط المصادر من حساباتها احتمالات الاستعانة بعدد من الخبراء وأصحاب الاختصاص، بهدف إبعاد الدولة وإداراتها عن بازار المحاصصات على طريقة “مرقلي تمرقلك”، فهل تنجح في هذا التحدي؟ سؤال تفضل المصادر ترك الإجابة عنه لقابل الأيام.