Site icon IMLebanon

علاقة دياب بحزب الله تحدد بوصلة الرياض

تستعد الرياض التي تنظر بعين القلق إلى توسع نفوذ حزب الله في لبنان، لإعادة تقييم سياساتها تجاه بيروت على ضوء ما استجد منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 17 أكتوبر الماضي.

واعتبرت مصادر مراقبة أن السعودية تتمسك بسياسة عدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية مع حرصها على نسج علاقات سليمة مع كافة القوى السياسية الصديقة في هذا البلد.

وتعبر الأنباء التي تحدثت عن خفض حجم الطاقم العامل في السفارة السعودية في بيروت عن انخفاض مستوى اهتمام المملكة بشؤون لبنان، لكن بعض المراقبين يعتقدون أن الأمر سيكون عرضيا مؤقتا وذلك بانتظار وضوح ما سيقرره لبنان واللبنانيون بشأن بلدهم.

وتنتظر الرياض صدور البيان الوزاري لحكومة لبنان الجديدة برئاسة حسان دياب، كما تنتظر ما ستصدره هذه الحكومة من قرارات وتدابير وما ستنتهجه بشأن سياسة لبنان الخارجية قبل اتخاذ أي موقف.

وتعاملت السعودية دائما مع حكومات لبنان أيا كانت هويتها وطبيعة توجهاتها، ويرى مراقبون أن ما هو محمول على حكومة دياب هو إثبات أنها ليست أداة من أدوات حزب الله وإيران لشن الهجمات على السعودية وحلفائها، خصوصا أن الاتهامات تكال من داخل لبنان نفسه ضد هذه الحكومة بصفتها تابعة لحزب الله وتخضع لأجنداته.

السعودية تعاملت دائما مع حكومات لبنان أيا كانت توجهاتها، وما على دياب سوى إثبات أنه ليس أداة في يد حزب الله وإيران
وكانت بعض التحليلات قد أشارت قبل أشهر إلى توتر في علاقة الرياض مع رئيس الحكومة السابق زعيم تيار المستقبل سعد الحريري.

واعتبرت أن القرار المفاجئ الذي اتخذه حزب القوات اللبنانية، بزعامة سمير جعجع المقرب من السعودية، بعدم تسمية الحريري لتشكيل الحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة لهذا الشأن، أثار أجواء توحي بأن خيار “القوات” هو خيار موحى به من السعودية. وقد حمّل مسؤولون في تيار المستقبل، ومنهم وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن حزب جعجع مسؤولية “الانقلاب” على الحريري وإبعاده عن موقعه.

وقد تعززت فرضية وجود إرادة سعودية بإبعاد الحريري من خلال حقيقة ندرة زيارات الأخير للرياض وعدم توفر أي موقف سعودي، يستطيع الحريري الاستناد عليه في الداخل. ولاحظ مراقبون أن الحريري بات أكثر تواصلا مع واشنطن وباريس، وربما بات يسعى للتواصل مع الرياض من خلال هذه العواصم.

غير أن عودة الحديث عن قرب قيام الحريري بزيارة السعودية للاجتماع مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان أعادت شد أنظار المراقبين نحو حراك سعودي ما داخل ملف العلاقة مع لبنان. وتقول بعض الأنباء إن ملف  لبنان في السعودية قد انتقل إلى نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، نجل الملك وشقيق ولي العهد، وأن الأمير خالد الذي يتابع ملف اليمن إضافة إلى ملفات أخرى سينظر إلى العلاقة مع لبنان من ضمن مشهد أشمل يرتبط بسبل التصدي للنفوذ الإيراني في كامل المنطقة.

وكان الأمير خالد قد قال في 25 يناير الماضي إن “السعودية داعمة للاستقرار السياسي في لبنان، ودعمته بنحو خمسة مليارات دولار، وفي مؤتمر باريس لدعم لبنان تبرّعت السعودية بمبلغ ملياري دولار، والتبادل التجاري للسعودية مع لبنان يبلغ 626 مليون دولار”، مشيرا الى أن “السياح السعوديين كانوا يشكلون نحو 20 في المئة من السياح في لبنان، لذا فإننا لطالما كنا الطرف البنّاء والمفيد، نحن نرسل السياح إلى لبنان، وإيران ترسل الإرهابيين، نحن نرسل رجال الأعمال، وإيران ترسل المستشارين العسكريين، نحن نبني الفنادق وقطاع السياحة ونخلق فرص العمل، وإيران تخلق الإرهاب”.

بيد أن مصادر لبنانية تعتقد أن السعودية مازالت ترى في الحريرية السياسية قاعدة لنفوذها في لبنان رغم أنها وسّعت من دائرة علاقاتها مع القيادات السياسية اللبنانية، حتى داخل الطائفة السنية. وتعتقد هذه الأخيرة أن الرياض لم تجد بديلا عن سعد الحريري لأنها أصلا لا تبحث ولم تبحث عن بديل متمسكة بنهج العلاقة مع لبنان الصديق بأجمعه.

 

الاتهامات تكال من داخل لبنان نفسه ضد حكومة حسان دياب
ويعاني رئيس الحكومة اللبنانية الجديد من عزلة عربية حتى الآن، ولم يسجل زيارة أي سفير خليجي لدياب ما يطرح أسئلة حول قدرة حكومته على إقناع الدول العربية المانحة، لاسيما السعودية والإمارات، في تقديم الدعم العاجل للبنان. ورغم أن دياب وعد بأن تكون جولاته الأولى خارج لبنان في دول الخليج، لم تمنح الرياض كما أي عاصمة خليجية أخرى موعدا له حتى الآن.

ويقول مراقبون إن الرياض تدرس تقارير تتحدث عن علاقة دياب بحزب الله ونظام دمشق، كما تدرس التقارير التي تحدثت عن انخراط مدير الأمن العام السابق والنائب الحالي اللواء جميل السيد المقرب من النظام السوري ومن حزب الله في تشكيل الحكومة، كما تدرس شكل موقفها المحتمل من حكومة ذات لون سياسي واحد لا وجود داخلها لأي من الشخصيات أو التيارات السياسية الصديقة للمملكة.

وترى مصادر سياسية لبنانية أنه في حال تمت زيارة الحريري للرياض، فإن السعودية ستستقبل حليفا قدم استقالته رغم تهديدات حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله بتقديم أي مستقيل للمحاكمة، ورفض تشكيل حكومة غير مستقلة عن حزب الله وباقي الطبقة السياسية، ورفض تفعيل حكومة تصريف الأعمال لصالح الدفع بتشكيل حكومة جديدة. ولفتت المصادر إلى أن تيار المستقبل لا يتعاطى بسلبية مع حكومة دياب وأن التيار من خلال تأمينه نصاب جلسة البرلمان للمصادقة على ميزانية 2020 يسعى إلى تسهيل ما من شأنه إنقاذ البلد من مأزقه الحالي.

وخلصت إلى أن مواقف الرياض المنتظرة ستكشف المزاج الدولي العام المطلوب من خلاله التعامل مع لبنان. ورجت المصادر ألا تكون مواقف الرياض هذه المرة متقدمة عن الموقف الأميركي الأوروبي في شأن ما هو مطلوب من
لبنان في ملفات السياسة والاقتصاد والمال.