كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:
بانتظار إقرار البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب بصيغته النهائية، لا يظهر أن ما تم نشره عن مسودته الأولية، يمكن أن يشكل ما يصح بتسميته بـ «خطة» قادرة على الاستجابة لمتطلبات إنقاذ البلد من أزمة اقتصادية ومالية هي الأخطر في تاريخه، والتي تتطلب برأي خبراء ومختصين، معالجات استثنائية بإمكانها إيصال السفينة إلى بر الأمان، والتخفيف قدر المستطاع من تداعيات هذه الأزمة المتفاقمة، لا أن يقتصر البيان على مجرد وعود وأفكار، تفتقد إلى رؤية واضحة للإنقاذ وبما يمكن لبنان من تجاوز هذا المأزق البالغ الخطورة. فالمجتمع الدولي وضع الحكومة الجديدة تحت المجهر، وهو كان يريد منها أن تحدد آلية للخروج من هذا الوضع الذي يهدد لبنان بتداعيات لا يمكن التكهن بنتائجها، في حال لم تكن هذه الحكومة على مستوى التحديات، فجاء البيان الوزاري ليتحدث عن ثلاث سنوات عجاف تنتظر اللبنانيين، وهم الذين قد لا يتمكنون من الصمود ثلاثة أشهر، إذا لم يحصل تغيير حقيقي على صعيد الواقع الراهن.
والسؤال الذي يطرح، هل يمكن لهكذا بيان أن يشكّل خارطة طريق للحكومة قادرة على رسم معالم الإنقاذ الموعود؟ لا يبدو من خلال ما تم طرحه أن هذا البيان يمكن أن يستجيب لتطلعات اللبنانيين الذين كانوا يتوقعون، بياناً مغايراً يحدد المشكلات، ويضع في المقابل خططاً وبرامج لحلها ضمن أطر محددة للمعالجة، لا أن يضع اللبنانيين أمام مرحلة بالغة الصعوبة، قد لا يكونون قادرين على الاستجابة لمتطلباتها، في ظل توجه الحكومة لاعتماد سياسة مالية وضرائبية صارمة، على ما تم تسريبه من خارج البيان الوزاري. وهذا بالتأكيد سيفاقم حدة الأزمة ويجعل الأمور أكبر تعقيداً، سيما وأن وضع الناس المأساوي، لن يجعلها قادرة على المزيد من شد الأحزمة، فيما تبدو الحكومة عاجزة عن القيام بأي خطوة إصلاحية، لوقف الهدر والفساد في مؤسسات الدولة.
ويرى عضو كتلة «المستقبل» النائب نزيه نجم، أن «ما نشر بخصوص مضمون بيان حكومة دياب، يفتقر إلى الخطة المطلوبة لإنقاذ البلد من أزماته المتراكمة على أكثر من صعيد. فهو لا يشير إلى الخطوات التي يجب تحديدها لعبور طريق الإنقاذ، بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة بالغة الخطورة، لا يمكن الاكتفاء معها بالمعالجات النظرية. فالمطلوب وضع خارطة طريق تخرجنا من النفق، ولا بد من إجراءات محددة بإمكانها إخراج اللبنانيين من هذا الواقع الصعب على جميع الأصعدة»، لافتاً إلى أن «كتلة «المستقبل» النيابية ستجتمع اليوم، وسيكون لها موقف، بانتظار أن يصدر البيان الوزاري عن الحكومة بصيغته النهائية، لإعطاء رأيها منه».
ويشدد نجم لـ «اللواء»، على «ضرورة أن يجيب البيان الوزاري، عن الكثير من الأسئلة المطروحة، وتحديداً ما يتصل بالتفاصيل المنتجة، وأن تكون هناك أجوبة لكل هذه الأسئلة. فالناس تريد أن تعرف الكثير عن وضع الليرة اللبنانية، فهل ستبقى هذه الازدواجية القائمة بين المصارف والصيارفة؟ وما هي التدابير التي ستتخذها الحكومة للتعامل مع استحقاقات لبنان المالية في المرحلة المقبلة، وماذا عن مؤتمر «سيدر» وكيف ستتعامل الحكومة معه وعلى أي أساس؟ في ظل تساؤلات عديدة عن مدى استعداد الدول المانحة لتنفيذ ما وعدت به على هذا الصعيد، بعدما برز بوضوح أن لدى المجتمع الدولي شكوكاً بقدرة هذه الحكومة التي يعرف الجميع ظروف تشكيلها، على تنفيذ برنامج إصلاحي يخرج لبنان من أزماته وما أكثرها.
وتعتبر أوساط نيابية، أن البيان الوزاري لا بد أن يتضمن ما يطمئن الأشقاء العرب، لناحية التزام سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، وتالياً عدم استخدامه منصة للتهجم على دول مجلس التعاون الخليجي التي ما قصرت في مساعدة لبنان في أحلك الظروف، الأمر الذي يوجب على الحكومة أن تسخر كل طاقاتها من أجل فتح صفحة جديدة من الدول الخليجية التي لا يمكن أن تمد يد العون لنا، في حال بقي فريق لبناني على سياسته العدائية لها، خاصة وأن لبنان يحتاج أكثر من أي وقت مضى لوقوف الدول الخليجية إلى جانبه، لأنه بدونها لا يمكنه الخروج من أزمته.