كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
عندما نشرت “نداء الوطن” في 18 كانون الأول الماضي، مقالة تحت عنوان “2020… باي باي دولار”، قامت القيامة ولم تقعد. ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي بالخبر وأصبح حديث الناس، وقتها سارع القيمون على جمعية المصارف إلى تكذيب الخبر ونفيه نفياً قاطعاً. اليوم تبيّن أنّ الخبر أصدق من كل بيانات التكذيب الخدّاعة بعدما بات أمراً واقعاً كالصاعقة على رؤوس المودعين، خصوصاً في ظل إقدام المصارف على حجب العملة الخضراء عن الناس، وصولاً إلى إعلام بعضها الزبائن من أصحاب الرواتب الموطنة بالدولار، بوقف الدفع نقداً بالدولار وبدء التسديد بالليرة اللبنانية مع بداية شباط.
أما سائر المصارف، فعمدت الى إصدار مذكّرات تخفيضية لقيمة سحوباتها إلى النصف، على أن يُسدّد المبلغ الزهيد الذي تسدده للمودعين على دفعتين شهرياً بدلاً من أربع دفعات أسبوعياً.
“وضع حدّ للسحوبات بالعملة الأجنبية نقداً أمر لا محالة منه، طالما أن السحب بالعملة الصعبة هو خدمة توفّرها المصارف اللبنانية إلى الزبائن، على عكس سائر الدول الأوروبية التي لا تعتمدها”، وفق ما تبرّر مصادر مصرفية لـ”نداء الوطن”، عازيةً السبب إلى “عدم دخول أي إيداع جديد من الخارج بالعملة الأجنبية في حسابات جديدة لدى المصارف”.
أما المصرف المركزي، فتؤكد مصادره لـ”نداء الوطن” أنّ حرصه يتركز حالياً على “حماية أموال المودعين، وعدم ضياعها واستمرار المصارف في تلبية احتياجات الناس”. وتضيف: “الأولوية هي لعدم إلحاق أي أذى بالمودع في أمواله أو في تدني قيمتها، والإحتمالات التي يدرسها “المركزي” حالياً لتحقيق ذلك هي متعدّدة”، رافضاً الإفصاح عن تفاصيلها مكتفياً بتجديد التأكيد على “سياسة الإبتعاد كل البعد عن إجراء الـhaircut وضياع أموال المودعين”.
وعن عدم زيادة المصارف لرؤوس أموالها، يجيب: “الدفع بالعملة الخضراء للناس نقداً (banknote) لا يمكن تغذيته إلا بأموال “جديدة” قادمة من الخارج، وتدخل في حسابات المصارف المراسلة التي تتعامل معها البنوك اللبنانية، حتى أن استعادة عجلة التحويل إلى الخارج غير ممكنة بالشكل الذي كان سابقاً أيضاً إذا لم تأتينا تلك الأموال”.
ولحينه، على ما يبدو من الإجراءات المصرفية التي تنوي الحكومة تغطيتها، فإنّ البنوك ستطفئ واحداً تلو الآخر “شمعة” التعامل نقداً بالدولار… لصالح اللبننة القسرية للودائع في زمن الشحّ المالي والانهيار الاقتصادي.