أمهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوات النظام السوري حتى نهاية شباط الجاري للانسحاب خلف نقاط المراقبة التركية في الشمال السوري، وإلا فإن الجيش التركي سيجبرها على ذلك، حسب تعبيره.
وقال الرئيس التركي في كلمة أمام نواب كتلة حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة اليوم، إن “الهجوم على جنودنا في إدلب بداية لمرحلة جديدة بالنسبة لتركيا في سوريا”. وأضاف “كما يستهدف النظام السوري المدنيين عند أبسط انتهاك لقوات المعارضة، فإن الرد على انتهاكات النظام السوري بعد الآن سيكون بالرد المباشر على جنوده”.
وتابع أن “قواتنا الجوية والبرية ستتحرك عند الحاجة بحرية في كل مناطق عملياتنا وفي إدلب، وستقوم بعمليات عسكرية إذا اقتضت الضرورة”. وأشار أردوغان إلى أن اثنتين من نقاط المراقبة التركية الآن تقعان خلف خطوط قوات النظام السوري.
تهديدات أردوغان تأتي بعد يومين من مقتل ثمانية عسكريين أتراك في قصف نفذته قوات النظام السوري في إدلب شمال غربي سوريا. وتعبّر مصادر دبلوماسية عبر “المركزية” عن خشيتها من تصعيد خطير للاوضاع على الارض في شمال سوريا، في حال لم تتدخل روسيا لتهدئة الامور بين النظام السوري من جهة، وشريكتها في منصة استانة، أنقرة، من جهة ثانية.
والحال ان هذه التطورات كانت مدار بحث بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي امس حيث حذر الاخير بوتين من رد عسكري أقوى في حال استهدفت قوات النظام السوري مجددا القوات التركية في إدلب (شمال غربي سوريا)، كما أكد أن بلاده لن تسمح للنظام بالسيطرة على مزيد من الأراضي هناك. وقال أمس في اتصال هاتفي مع بوتين إن بلاده ستواصل استخدام حقها في الدفاع المشروع عن النفس بأكبر قدر من الحزم في حال تعرضت لهجوم مماثل. وأوردت مصادر في الرئاسة التركية أن أردوغان أوضح لبوتين أن الهجمات التي يقوم بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد على الجيش التركي في سوريا تضر بالجهود المشتركة لتركيا وروسيا من أجل فرض السلام في سوريا.
ووفق المصادر، يحاول اردوغان الضغط على روسيا لتوافق على انشاء منطقة آمنة في الشمال السوري تكون تحت سيطرة أنقرة، من تهديدات النظام السوري من جهة والاكراد من جهة ثانية، وهو ما تطمح اليه منذ مدة. وقد تكون رأت في العملية العسكرية التي يشنها النظام في الشمال اليوم، الفرصة المناسبة للدفع نحو تحقيق هذا الهدف، إن لم يكن بالسبل السياسية – الدبلوماسية عبر التفاهم مع القوى الدولية الكبرى وأبرزها “روسيا”، فبالآلة العسكرية عبر توغّل في الميدان السوري.
والحال ان تركيا تريد ايضا الافادة من الموقف الاميركي الذي بدا في الساعات الماضية لصالحها في ما يخص تطورات الشمال السوري، اذ وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو القصف السوري لمواقع تركية في محافظة إدلب بأنه “تصعيد خطير”. وقال بومبيو في تصريحات له الثلثاء إن المسؤولين الأميركيين “يدعمون بشكل تام أعمال الدفاع عن النفس المبررة” التي قامت بها تركيا ردا على القصف.
فواشنطن لم تحبّذ سابقا انشاء المنطقة الآمنة، حرصا منها على امن حلفائها الاكراد الموجودين في شمال سوريا. فهل يمكن ان تمهّد ليونتها اليوم لتبديل في هذا الموقف في حال اتفقت مع أنقرة على حمايتهم؟