شهدت الأيام الأخيرة، على وقع صياغة البيان الوزاري ودرسه وصولا إلى إقراره اليوم، تصويبا مباشرا على حاكمية مصرف لبنان والقطاع المصرفي، في معرض نقد السياستين النقدية والمصرفية بفعل التدابير المصرفية الاستثنائية من جهة، وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية من جهة أخرى.
لكن أحدا لم يكن يتوقع انطلاق سهم التشكيك من مصدر رسمي في الدولة هو رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تحدث امس عن “تحويل خمسة مصارف أموال أصحابها الشخصية إلى الخارج، وتقدّر بمليارين و300 مليون دولار”، هذه القنبلة التي انطلقت من عين التينة، سرعان ما أطفأتها لجنة الرقابة على المصارف التي نفت أن تكون التحويلات لأصحاب المصارف، أو أن تقتصر على خمسة مصارف فقط بل كلها.
مصادر مصرفيّة لفتت، عبر “المركزية”، إلى أن “رواد الحملة المصوَّبة على الحاكمية والقطاع المصرفي أبلغوا عين التينة معلومات مغلوطة وغير دقيقة، بقصد تأمين غطاء رسمي لها علّها تبلغ غايتها. لكن أهل القطاع ساهرون على مصلحة الدولة أكثر من مسؤوليها، كونهم يقدّرون مدى خطورة فقدان الثقة بالسلطتين النقدية والمصرفية، والتي قد توصل إلى الانهيار المخيف”.
ورأت المصادر نفسها أن “بدل تصويب سهام التشكيك على القطاعين النقدي والمصرفي، فالأفضل تصويبها نحو السلطة السياسية وحثّها على القيام بمسؤوليّتها لإنقاذ البلد وخلق جوّ من الثقة كي تستقيم الأمور وتعود العجلة الاقتصادية إلى طبيعتها، لأن ما يحتاج إليه لبنان اليوم، هو مباشرة الطبقة السياسية بالإصلاحات المطلوبة سريعا، والتعجيل في رفد القطاعات الإنتاجية بالدعم اللازم لإنعاشها”، متسائلةً: “هل المطلوب ترويض السلطة النقدية والقطاع المصرفي، وأن تبقى السلطة السياسية في “غيبوبة” وعاجزة عن المبادرة إلى الإنقاذ الطارئ”؟
في المقلب الآخر، لم تغفل المصادر المصرفية التعليق على المعلومات الصحافية التي نُشرت صباح اليوم في شأن “قيام “لوبي نيابي” هدفه التصدي لطلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة صلاحيات استثنائية لتشريع التدابير المصرفية التي عمدت جمعية المصارف إلى تطبيقها في شأن الودائع والسحوبات”… فأكدت المصادر أن “لا حاجة إلى “معارك طواحين الهواء” لأن حاكم مصرف لبنان سبق أن أكد للمعنيين في الأيام الأخيرة أنه ليس في وارد طلب مثل هذه الصلاحيات بعدما تشكلت الحكومة الجديدة”.
وأشارت إلى أن حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف يأملان في أن “تكون السلطتان التنفيذية والتشريعية قد اتخذتا قرارهما بالتجاوب مع الدعوات المصرفية المتكررة إلى تحمّل مسؤولياتهما في إيجاد الحلول المطلوبة، خصوصا أن الأزمة التي يجتازها لبنان في أساسها وأسبابها “أزمة سياسية” جرّت على البلد “أزمة اقتصادية” انعكست سلبا على الأوضاع المصرفية والنقدية”.
وأملت المصادر في أن “يُسارع مجلسا النواب والوزراء إلى وضع تصوّر شامل للحلول المطلوبة وفق صلاحياتهما الدستورية، وتبعا للمسؤوليات الملقاة على عاتقهما بما يؤدي إلى إراحة المودِعين، وطمأنة القطاعات الاقتصادية، وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد من خلال سياسات وإصلاحات سياسية واقتصادية وإدارية تعيد ربط لبنان بالعالم بعيدا من التموضعات الحالية التي تنتج العقوبات المباشرة وغير المباشرة، وتعيق الدورة الاقتصادية إلى حدود التعطيل، وتضع القيود على التبادل التجاري والمساعدات المطلوبة من الدول المانحة والداعمة للبنان”.