IMLebanon

“أوتوسترادات الموت” في النبطية تحصد الأبرياء… والصيانة غائبة

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

عاد “اوتوستراد الموت” ليحصد مزيداً من الضحايا. لن يكون أحمد عواركة آخر ضحايا اوتوستراد النبطية الزهراني أو “اوتوستراد الموت” كما يحلو للمواطنين تسميته نظراً لعدد الضحايا التي يحصدها سنوياً.

“صلِّ واتكل على الله” عبارة ترافق سالكي هذا الاوتوستراد الذي بات مصيدة للمواطن نتيجة الحفر والانخسافات، وغياب الإنارة عن الاعمدة، ناهيك عن التقاطعات غير المطابقة لهندسة الاوتوستراد. ورغم المناشدات، إلّا أنّ وزارة الأشغال غائبة عن السمع وإن اغدقت الكثير من الوعود لتأهيله ولكن “ع الوعد يا كمون”.

أكثر من 33 ضحية وعشرات الجرحى سقطوا خلال العام 2019 على “اوتوستراد الموت” و”الحبل على الجرار”. لم يسلم أبو علي الذي يملك اكسبرس قهوة على الاوتوسترد من الحوادث، نجا بأعجوبة بعدما اجتاحت سيارة مسرعة الاكسبرس بسبب “غياب الانارة والسرعة الزائدة”.

يشير الى أنّ الحادث الذي وقع على مفرق بفروة والذي ذهب ضحيته والد وابنته يؤكد أنّ “الموت مجاني هنا، غياب الاشارات المرورية والتقاعس في تطبيق قانون السير أسهما في ارتفاع نسبة الحوادث، لأن القانون لو طبق لكان حدّ من الموت، لكننا نعيش في بلد الكل فوق قانونه”.

في تسيعينات القرن الماضي دشّن الاوتوستراد الذي يربط قرى النبطية بصيدا وصور، وكان يعتبر واحداً من الانجازات التنموية المهمة لمنطقة النبطية، غير أنّه ومنذ ذلك الوقت، لم يشهد اي صيانة، بقيت أعمدة الكهرباء بلا اضاءة، والعتمة رفيقة السائق ليلاً، ما يؤدي إلى الوقوع في المحظور.

يصف أحدهم الاوتوستراد بالقاتل فيما يعتبره آخرون مصيدة، ويشير البعض إلى أنّه غير مطابق لمواصفات السلامة المرورية إن لجهة الهندسة والزفت الذي بات غير صالح للسير، او لجهة الفاصل الاسمنتي الذي يفترض أن يكون ارتفاعه متراً ونصف المتر، وليس كما هو الآن 15 سنتم، ما يؤدي إلى مزيد من الحوادث. لا ينكر أحمد أحد ضحايا الحوادث، أنّ “سبب معظم الحوادث هو السرعة الزائدة واستخدام الهواتف، لكنه يشدد على نقطة أساسية تتركز على العتمة ليلاً”.

قبل عام اطلقت الحملة الوطنية للحدّ من حوادث السير شملت كل البلديات الواقعة على طول الاوتوستراد، وركزت على توعية السائقين من حوادث السير، وشددت على ضرورة القيادة على مهل، ووضع حزام الامان، غير انها لم تطالب وزارة الاشغال بإجراء صيانة للطريق، واصلاح أعمدة الانارة، الامر الذي دفع ببلدية دير الزهراني الى توجيه كتاب لوزارة الأشغال تطالب فيه بالإسراع في إخضاع الطريق للصيانة، لا سيما وأنّ أعمال الصيانة غائبة منذ أكثر من عشر سنوات.

تعتبر دير الزهراني اكثر البلدات تضرراً من الاوتوستراد، فهو شطرها نصفين، ما أسهم بارتفاع نسبة الحوادث على طول الخط الممتد داخلها، نتيجة الفتحات المتعددة داخله وعدم التقيد بالسرعة، والمرور عكس السير. يؤكد قاسم طفيلي أنّ البلدية لم تتوان لحظة عن وضع خطط السير لتخفيف الحوادث، المشكلة تكمن في غياب الرقابة والاشارات، ويؤكد أنّ البلدية أعدّت خطة سير متكاملة ستوجهها الى وزارة الأشغال للنظر بها والعمل على تطبيقها علّ وعسى تخفّف من وطأة الحوادث.

ليس اوتوستراد الزهراني النبطية وحده الخطر، فاوتوستراد النبطية- حاروف- الدوير لا يقل خطورة. فعابر طريق زبدين حاروف، تلاحقه لعنة المياه الآسنة، المتدفقة في الشارع، تفيض من عدد من الأبنية التي تعتمد الحفر الصحية، اذ ما زال عدد لا بأس به من الاهالي يعتمد الحفر الصحية وتفريغها لقاء مبالغ شهرية. فزبدين كما حاروف وعدد من القرى لم تشبك ضمن خط الصرف الصحي الذي يصل الى معمل تكرير المياه المبتذلة، هذه المياه تشكل رغوة خطيرة تؤدي إلى “انزلاق” السيارات ووقوع حوادث قاتلة.

ناهيك عن غياب الانارة الليلية عن اعمدة الكهرباء، والتنفيذ غير السليم، والقيادة عكس السير وغيرها من مسببات الحوادث ومنها تسرب المياه.

رغم مناشدات المواطنين الا أنّ احدا لم يحرك ساكنا لمعالجة الضرر، فالمنطقة تقع بين النبطية وزبدين وبالتالي الطرفان يتقاذفان المسؤولية وقد علت مطالب الناس لمعالجة المشكلة ولكن حتى اليوم لا حل.يعتبر الاوتوسترد منفذاً اساسياً للنبطية باتجاه قرى صور، تنتشر على طوله المحال التجارية المتنوعة، يخترق مرج حاروف المنطقة الصناعة الاكبر في المنطقة، خطر يتجلى بسوء التنفيذ، أو كما يقول أحد الصناعين “الاسم عالٍ، ولكن الحقيقة مخزية، كنا ننتظر اوتوستراداً يليق بالمنطقة، ولكن جاء التنفيذ مغايراً، وكان يفترض أن يكون بمسلكين مع فواصل اسمنتية واضاءة وتخطيط ولكن النتيجة كانت المحال أعلى من الطريق، و”ريغارات” الصرف الصحي تشكل مصيدة للسيارات.

تشير المعطيات الى ان الاوتوسترد توقف عند محلة الدوير- انصار بسبب ازمة الاستملاكات، ما ادى الى توقف التنفيذ، وان المسافة الممتدة من زبدين باتجاه حاروف جاءت غير مطابقة للتصميم. اذ يفاجأ السائق بمسلكين للسيارات سرعان ما يجد نفسه عند خط واحد. هذا الخطأ الفني كان سبباً رئيساً للحوادث.