خصصت صحيفة “النهار” صفحتها الاولى يوم الجمعة 7 شباط للأزمة التي يمر بها الاعلام اللبناني، وجاء في “الاولى”:
لا نبتكر حقيقة غير معروفة وغير مسلم بها ولا نخترع مفهوماً طارئاً مستجداً ان تجرأنا على دق ناقوس الخطر حيال اقتراب ساعة الحقيقة القاسية والشرسة بل القاتلة في شأن صحافة لبنان واعلامه. نعم، إن العد التنازلي المخيف لحقيقة اقتراب الصحافة والاعلام في لبنان من تصدر لائحة ضحايا الكارثة المالية والاقتصادية والانتاجية قد بلغ مراحل متقدمة لم يعد ممكناً ولا جائزاً التحفظ عن كشفها والافصاح عنها بملء الصوت بل باطلاق نفير التحذير من ان القطاع الذي يشكل المرآة العاكسة التاريخية لواقع ذلك اللبنان الذي كان درة تاج الشرق الاوسط، ومهما قيل فيه عن حق أو عن باطل، يوشك ان ينزلق الى متاهات الاحتضار.
يجتاز لبنان اليوم أسوأ ما تعرض له من كوارث في تاريخه بدءاً بالتدمير التصاعدي للقطاع الخاص الذي تضربه الكارثة في كل مفاصله ومؤسساته وقطاعاته وتخصصاته بما يهدده بواقع مصيري دراماتيكي سيفقد معه لبنان باسره جوهر صموده وقوته وقدرته على النهوض من جديد. ومع ذلك نبيح لانفسنا ان نتناول اليوم واقع الصحافة والاعلام لان الخطر المحدق بالصحف والمجلات والمحطات التلفزيونية والاذاعية بات أقرب مما يظن الكثيرون من السقوط فوق أحد أعرق القطاعات والقيم والحقائق التي ميزت لبنان وتوهجه في العالم العربي تاريخيا وشكلت نموذج حضارته وتعدديته وانفتاحه وريادته الفكرية والثقافية، بل كان ولا يزال الجوهر الحقيقي غير الزائف لمناهضة التطرف والتعصب والديكتاتورية على رغم كل ما عاناه من اصابات بالغة على مر الحقب والتجارب التي تناوبت على لبنان. نقول وانضمت بالامس صحيفة “الدايلي ستار” الى قائمة الصحف العريقة المحتجبة، وصمتت اذاعة “راديو وان” التي ذاع صيتها، وسبقتهما مجلة “ماغازين ” في التوقف عن الصدور… ان الصحف الباقية بدءاً بـ”النهار” (ولن نحرج زميلات وزملاء باي تسمية وان كنا معاً في مصير واحد لا يفرقنا أي تمايز أو تباين أو خلاف فكري أو سياسي أو مهني ) وكل المحطات التلفزيونية والاذاعية تمر اليوم في المعبر الحاسم الفاصل الى مصير قاتم ما لم تقف الازمة الكبرى عند فرملة أو تبتكر ممرات الاسعاف العاجل لقطاع لا نعتقد ان لبنانياً يختلف مع لبناني آخر على انه احد اسرار توهج الحقيقة اللبنانية التاريخية وتالياً فان موت الصحافة والاعلام سيعني حتماً موتاً للبنان.