تتسارع التطورات الميدانية في شمال سوريا، وتسابق اتصالات دبلوماسية – سياسية – عسكرية، على اعلى المستويات بين الروس والاتراك، لمحاولة احتواء التصعيد. فعلى الارض، أرسلت تركيا اليوم تعزيزات عسكرية جديدة إلى نقاط المراقبة التي أقامتها في محافظة إدلب حيث تحقق قوات النظام السوري تقدما على الرغم من التحذيرات المتكررة التي أطلقتها أنقرة، حسبما ذكرت وسائل الإعلام اليوم. وقالت وكالة أنباء الأناضول الحكومية إن “قافلة من 150 آلية عسكرية تنقل تجهيزات وقوات، عبرت الحدود التركية السورية باتجاه إدلب حيث تنقل أنقرة تعزيزات منذ ايام”.
وسط هذه الاجواء، أكد مصدر أمني تركي أن نقاط المراقبة الموجودة في قطاع سراقب “قادرة على الدفاع عن نفسها” في حال تعرضها لهجوم من النظام السوري. وصرح المصدر التركي أن “القوات التركية اتخذت كل الإجراءات اللازمة” للدفاع عن نفسها.
ويأتي إرسال هذا التعزيزات بينما يبدو أن القوات الحكومية السورية على وشك السيطرة بشكل كامل على مدينة سراقب في شرق محافظة إدلب. ففي وقت أقامت تركيا 12 نقطة مراقبة في محافظة إدلب بموجب اتفاق مع روسيا، وتقع ثلاث من هذه النقاط حاليا في مناطق سيطرت عليها قوات النظام السوري بعد تقدمها أخيراً، ومنها سراقب، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ ايام أن العسكريين الأتراك المنتشرين في نقطة مراقبة بشمال سراقب قصفوا بالمدفعية قوات النظام السوري لمحاولة وقف تقدمها، الا ان عمليتهم لم تفلح.
في موازاة هذه المستجدات الخطيرة بين انقرة ودمشق، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم، أن وفدًا روسيًا سيصل إلى تركيا لمناقشة ملف إدلب. وقال أوغلو، في مؤتمر صحافي مع نظيره السلوفاكي، ميروسلاف لايتشاك، في أنقرة إن الوفد سيزور تركيا غدًا السبت لبحث الوضع في إدلب. وأضاف أوغلو أن تركيا تعيد تقييم المرحلة التي عملت بها مع روسيا كضامن للنظام السوري، مشيرًا إلى أنه سيتم عقد اجتماع بين الرئيسين التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، في حال لزم الأمر بعد اجتماع الوفدين. ولفت أوغلو إلى أن تركيا ستسعى لفعل كل ما يلزم لوقف الكارثة الإنسانية في إدلب، وإيقاف عدوان النظام السوري في أسرع وقت ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية والإسراع في العملية السياسية.
وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، من المتوقع أن يسفر اجتماع الوفدين التركي والروسي غدًا عن اتفاق جديد حول إدلب، يشمل مصير الطرق الدولية وآلية التحكم بها والدوريات المشتركة، قد يعيد على الارجح انعاش اتفاق سوتشي الذي ابرم بين الشريكين في منصة أستانة في سوتشي في ايلول 2018، مع ادخال بعض التعديلات اليه. وهو أسفر آنذاك عن إقامة منطقة منزوعة السلاح وتسيير دوريات مشتركة على الطرق الدولية.
والجدير ذكره ايضا ان ظروفا “ميدانية” شبيهة بالقائمة اليوم قادت الى الاتفاق حينها حيث كانت قوات النظام السوري حشدت على أطراف إدلب لشن هجوم عليها، ما دفع أردوغان إلى عقد لقاء عاجل مع بوتين.
اما تعذّر التوصل الى تفاهم بين الاتراك والروس في اجتماع السبت، فسيضع الوضع في الشمال السوري الانساني والعسكري، امام خيارات أحلاها مرّ، تختم المصادر.