رجّحت مصادر سياسية لبنانية أن تقود حكومة حسان دياب مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية اللبنانية مع إسرائيل، تحت خيمة الأمم المتحدة، مؤكدة أن واشنطن أنجزت تحضيرات في هذا الملف.
وأكدت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن الإدارة الأميركية واثقة بخوض حكومة دياب مفاوضات الحدود مع إسرائيل. وترى المصادر أن إنجاز حسم ملف الحدود مع إسرائيل سيسهل طرح ورقة سلاح حزب الله في الداخل ومبرر استمراره.
وكانت “العرب” قد أشارت في تقرير لها الجمعة إلى أن مصادر حزب الله قد سربت التسليم بما يقرّره حليفه زعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري في شأن مسائل ترسيم الحدود، البرية والبحرية، بين إسرائيل ولبنان.
ويقود مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ملف المفاوضات بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد نصح المسؤولين اللبنانيين بمن فيهم الرئيس ميشال عون بالموافقة على ترسيم الحدود مع إسرائيل تمهيدا للتفرغ لملفات تنقذ لبنان من المأزق السياسي والاقتصادي الذي يعيشه.
وقال بومبيو في حديث لوكالة “بلومبيرغ”، “لقد كنا واضحين للغاية بشأن متطلبات انخراط الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن “لبنان يواجه أزمة مالية فظيعة مطروحة أمامه في الأسابيع المقبلة”.
وفي وقت اعترف فيه رئيس مجلس الوزراء اللبناني حسّان دياب بـ”المأزق” الذي وصل إليه البلد، استغربت أوساط سياسية في بيروت غياب أيّ خطوات عملية في البيان الوزاري، يمكن أن تؤدي إلى الخروج من المأزق، الذي طلبت الحكومة الجديدة نيل الثقة على أساسه.
وقال سياسي لبناني إن أكثر ما أثار قلق المجتمع الدولي والدول العربية الخليجية كان تمسّك البيان الوزاري لحكومة حسان دياب المؤمل إقراره في البرلمان الثلاثاء المقبل، بإيجاد غطاء لحزب الله وسلاحه عبر التشديد على كلمة “المقاومة”.
وأشار في هذا المجال إلى أن الحكومة أغلقت بذلك كلّ الأبواب أمام حصول لبنان على مساعدات عربية أو دولية، خصوصا الأميركية، من أجل الخروج من “المأزق” الذي يتحدّث عنه حسان دياب.
واعتبرت هذه الأوساط أن البيان الوزاري الذي أقرّته الحكومة ليس سوى نصّ إنشائي صيغ بكلام منمّق لا يأخذ في الاعتبار المشاكل الملحّة التي يعاني منها لبنان في المرحلة الراهنة.
وأعطت هذه الأوساط مثلين على خلوّ البيان الوزاري من أيّ خطوات عملية تعيد الثقة بالحكومة أولّهما عدم تحديد كيفية معالجة أزمة الكهرباء، حيث تتسبب هذه الأزمة في زيادة العجز الكبير في الموازنة بنحو ملياري دولار سنويّا. أما المثل الآخر فهو مرتبط بالأزمة التي تعاني منها المصارف اللبنانية التي توقفت عن إعادة أموال المودعين إلى أصحابها.
وتوقعت الأوساط السياسية اللبنانية حصول ما أسمته حكومة “حزب الله” على ثقة هزيلة بعد مثولها أمام مجلس النوّاب الثلاثاء والأربعاء المقبلين.
وأكّد ذلك إعلان نواب كتلة المستقبل التي يرأسها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري “حجب الثقة” عن الحكومة، مع ما يعنيه ذلك من أنّهم سيحضرون جلسات مناقشة البيان الوزاري وتأمينهم للنصاب المطلوب لعقدهما.
وأثارت أوساط سياسية تساؤلات بشأن ماذا بعد إقرار البيان الوزاري للحكومة في البرلمان الثلاثاء المقبل.
وقالت إن “ثلاث قوى في لبنان في مواجهة الأزمة: السلطة التي لا تستند إلى الدستور في ممارساتها، وقوى ممثلة في البرلمان عاجزة عن تشكيل نواة معارضة، وحراك شعبي يتصرف على قاعدة رد الفعل وليس الفعل.. لذلك الجميع في حلقة مفرغة”.
خلاص لبنان بالتخلص من الوصاية الإيرانية
واعتبرت هذه الأوساط أن “لا خلاص للبنان ما لم نرفع عنه وصاية إيران” مستدركة أن الحراك في الشارع “كسب جولة ولكن عليه أن يحدد أولوياته تجاه سلاح حزب الله”.
وسيسعى الجيش والقوى الأمنية إلى ضمان وصول النواب إلى مبنى البرلمان في قلب بيروت الذي شهد جولات من الصدامات العنيفة بين تلك القوى وحشود غاضبة في الحراك الشعبي الرافض لحكومة “اللون الواحد”، في إشارة إلى فريق 8 آذار الذي يضم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر برئاسة صهر الرئيس اللبناني جبران باسيل.
يذكر أن الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة في لبنان تستأثر بحيز واسع من البيان الوزاري، مع وعود بإصلاحات تترقبها مجموعة الدعم الدولية معيارا أساسيا لتقديم مساعدات وقروض تمكن الدولة من إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد وإعادة جدولة الديون، ويقترب الدين العام من نحو تسعين مليار دولار.
وعلى الرغم من ضرورة الإصلاحات التي تطاول هيكلة قطاع عام يستنزف خزينة الدولة، وحيوية إيجاد مخرج من أزمة مزمنة تتمثل في هدر مالي هائل في قطاع الكهرباء الذي يعتبر الأسوأ في المنطقة وبين دول كثيرة في العالم الثالث، وبما يمثل أمرا “معيبا” وفق وصف الأمم المتحدة، تعتبر أوساط سياسية مطلعة في بيروت أن إطار الأزمة أوسع بكثير وهي “ذات طبيعة وطنية”.
وتضيف الأوساط نفسها أن حكومة حسان دياب التي تتحدث عن إجراءات “مؤلمة” لوقف الانهيار المالي والاقتصادي “غير قادرة على إيجاد المخرج ولا النهوض بلبنان”، مؤكدة أن هذه السلطة ضعيفة لذلك ستخصص نصف عدد الجيش لضمان عقد جلسة البرلمان الثلاثاء المقبل، في حال حاول الحراك الشعبي منع النواب من الوصول إلى المجلس.