رأى المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بعد جلسة عقدها عند الذكرى السنوية الخامسة عشر لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري إن ما يجمع اللبنانيين جميعاً، وما يشكل إحدى أهم ركائز وثوابت تاريخهم هو العيش المشترك الذي حفظ عبر تاريخهم السياسي والاجتماعي، رغم الاهتزازات والتوترات، وحدتهم السياسية والوطنية وأمنهم وتوافقهم، والتي شكلت ولا تزال، ضمانة حريتهم واستقلالهم وسيادة الدولة، ولا يجوز التفريط بها من أي كان، مهما اشتدت المصاعب أو احتدمت الصراعات والتدخلات، لأن إرادة اللبنانيين القوية والجامعة يجب أن تبقى خط الدفاع الأول عن لبنان ووحدته، مما يقتضي منا جميعاً الوقوف بمسؤولية صفاً واحداً في وجه المخططات ومشاريع تفتيت الدول، والتلاعب بمصائر الشعوب والمجتمعات، وضرب وحدة الكيانات السياسية و الوطنية والمجتمعية وتمزيقها، فالدولة هي الجامعة، وكل المكونات أو الكيانات الأخرى، التي يستعاد الحديث عنها هذه الأيام، الجغرافية والطائفية والمناطقية، لا يمكن ان تحل محل الدولة، أو تكون بديلاً عنها، أو تشكل خياراً يرتجى منه الحماية أو الأمان أو الاستقرار.
ولفت الى إن “البيان الوزاري الذي صدر عن مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة يوم الخميس الواقع في 6 شباط 2020، والذي سيطرح على مجلس النواب لتنال الحكومة الثقة على أساسه، سيشكل تحدٍيا كبيرا للحكومة، وقد يكون الوقت هو التحدي الأكبر، لإثبات قدرتها على النهوض بأوضاع البلاد المتردية والخطيرة، وإخراجها من أزماتها المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وعلى الاعتصام بالحق والتمسك بالدستور ومقتضيات اتفاق الطائف وقيم النزاهة والشفافية والالتزام بتطبيق القوانين النافذة، وعلى معالجة مشاكل اللبنانيين وهمومهم ومعاناتهم، واستعادة ثقتهم بالدولة، وتتعزز هذه الثقة عند اللبنانيين بمقدار ما تثبته الحكومة، بالأفعال، وليس بالنيات فقط، ففعاليتها وجديتها وتصميمها، وعزمها على الإنقاذ وإيجاد الحلول الناجعة، وعلى تحقيق ما وعدت به وأعلنته من تعهدات ومعالجات مالية واقتصادية في بيانها الوزاري، وان ضرورة التزامها بتنفيذ مطالب اللبنانيين الإصلاحية المحقة، يجعلها مسؤولة أمام اللبنانيين وليس أقلها، حقهم بالعمل، والاستشفاء، والتعليم، وكرامة العيش، والأمن الاجتماعي والاقتصادي، والحفاظ على مدخراتهم وجنى العمر، وان المجلس الشرعي سوف يواكب هذه الالتزامات والتعهدات بدقة متناهية”.
وشدد على إن “قدسية القضية الفلسطينية أضحت في ضمير الوجدان العربي والإسلامي، ولا يمكن أن تنال منها صفقات، أياً كانت عناوينها أو مواصفاتها، وستبقى حتما أمانة في أعناق الأمة العربية والإسلامية، مهما طال الزمن. فلسطين، التاريخ والأرض والمقدسات، ليست للبيع، وأرضها المقدسة ليست للمبادلة، وكيانها الوطني ليس للتداول، وشعبها صامد وموحد ومناضل، ولن تنال من عزيمته وإصراره على استرجاع أرضه وحقوقه المشروعة، وعودته الى وطنه الموحد وعاصمته القدس، الفتن والمؤامرات والصفقات، مهما كان الثمن، ومهما تغاضى الرأي العام الدولي عن الانتهاكات التي يرتكبها العدو الإسرائيلي الغاصب في حق الشعب الفلسطيني من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وبالتالي لا يمكن مبادلتها بصفقة عار تسمى صفقة القرن، فهل نحن مدركون لمخاطر هذه الصفقة وتداعياتها، والتي تنذر ببدء هندسة جديدة لدول المنطقة كما تنذر ببدء هندسة جديدة من فرز وتقسيم”.