IMLebanon

هل نشهد حلاً للأزمة في بداية الصيف؟

لم يعد خافيا على أحد ان المواجهة ستكون حتمية مطلع الأسبوع المقبل بين الأجهزة الأمنية والثورة، وتحديداً في الموعد المحدد للجلسة النيابية المقررة لمناقشة البيان الوزاري للحكومة والتصويت على الثقة المضمونة ولو بالحد الأدنى. فكل التوقعات تتحدث عن مثل هذه المواجهة دون توقع السيناريو الذي يمكن ان تؤدي اليه وما سيكون عليه المشهد في وسط بيروت والطرق المؤدية الى ساحة النجمة ، طالما ان القوى العسكرية والأمنية قررت التصدي لأي حراك يؤدي الى تعطيل جلسة مجلس النواب في وقت اكدت فيه الثورة انها تستعد لليوم الكبير من اجل تعطيل الجلسة ومنع الوصول الى مناقشة البيان الوزراي.

وقبل الدخول في مسلسل السيناريوهات المتوقعة، اكدت مصادر مطلعة على التحضيرات الجارية لـ “المركزية”، ان قيادات الثورة وتنسيقياتها المختلفة تسعى الى وضع الخطط التي ستعتمدها لتحقق مشروعها بتعطيل الجلسة النيابية المقررة يوم الثلاثاء المقبل ايا كان الثمن. فكل المواقف التي عبرت عنها مجموعاتها والمنظمات الناشطة فيها تؤكد ذلك وهي تستعد لكل السيناريوهات بما فيها الأكثر سوءا.

على هذه الخلفيات، تصر قيادات الثورة على انها لن تتراجع عن خططها وان النموذج الأمني الذي شهدت على جزء منه في الأسبوع الماضي عند البت بقانون الموازنة للعام 2020 لن يثنيها عن القيام بالخطوة المقبلة. فقد اجمعوا على اعتبار ان الرئيس حسان دياب اصاب المتريثين منهم والذين رغبوا باعطائه المهلة الكافية للتعبير عما يمكن ان يقوم به بصدمة قاسية، ادت الى عودتهم الى صفوف الثورة يخططون الى جانب من رفض اعطاء الحكومة العتيدة اي مهلة لأكثر من سبب، واولاها ما يسمونه “الخدعة” التي انطلت عليهم عندما اكد على تشكيل حكومة حيادية ومستقلة من الإختصاصيين المتحررين من المحاور السياسية ولم يأت بما يشبهها على الأقل.

وزاد الطين بلة  البيان الوزاري،  المكلل بمقدمة “تكرم الثورة” محاولا الإيحاء بانها هي التي جاءت بالحكومة، وهو ما رفضته بكل مكوناتها منذ اللحظة الأولى التي تسربت فيها المسودة الرابعة للبيان. ورغم نفي اهل الحكم والحكومة اعطاء النسخة المسربة اي صفة رسمية فقد ثبت بالوجه الشرعي بعد ايام على انها النسخة الاساسية التي اعتمدت عند وضع الصيغة النهائية للبيان. ورغم ما تسببت به من ردات فعل سلبية ، لم تسع اللجنة الوزارية الى الأخذ بها ولا عبّر مجلس الوزراء عن اهتمامه بالملاحظات السلبية التي انتهت اليها، وهو ما اظهر ان لا نية بالتجاوب مع مطالب الثورة، لا بل اوغلت السلطة في التحضير للمواجهة المنتظرة مطلع الأسبوع المقبل.

وقرأت قيادة الثورة وتنسيقياتها في ما انتهى اليه اجتماع المجلس الأعلى للدفاع امس، وجود قرار بتسهيل عقد جلسة مجلس النواب ايا كان الثمن الأمني المتوقع لاعطاء الثقة للحكومة المكتفية الى اليوم بالحجم الذي ناله رئيسها عند تكليفه من اصوات وهي لن تكون منزعجة من رقم محتمل قد يكون اقل من اصوات التكليف وان ما يهمها ان تنتهي من هذه المرحلة الدستورية وعبورها بالسرعة الممكنة للتفرغ الى المراحل المقبلة.

ولم ينظر اهل الحكم ايضا الى ما يمكن ان تعكسه مثل هذه الخطوات السلبية من استبعاد احتمال ان تنال الحكومة الثقة الشعبية التي تعبر عنها الثورة ودون الأخذ بعين الإعتبار حجم الترددات السلبية لهذه الأجواء على ردات الفعل الأوروبية والغربية عموما كما الدول الخليجية والعربية التي عبرت عن اسوأ اشكال الإهمال للمطالب اللبنانية وتمنيات اهل الحكم بتقديم العون المادي للخروج من الأزمة النقدية وتسهيل الحصول على الحد الأدنى المطلوب من النقد الاجنبي الذي يوفر القدرة على استيراد الحاجات الضرورية لضمان الحد الأدنى من الأمن الغذائي في لبنان وتوفير السلع التي لا يمكن الإستغناء عنها عدا عن الحيوية منها كالقمح والدواء والمحروقات على انواعها.

على هذه الأسس، معطوفة على ما تقرر في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع  من قرارات تدعو الى التشدد مع الثورة الى حد منعها من القيام بأي خطوة تهدد جلسة الثلثاء المقبل باي ثمن، يتعزز التوجه الذي يعبر عنه اهل الحكم مرة اخرى ان في نيتهم تصفية هذه الانتفاضة ووضع حد لها ليتسنى لهم التحكم بالمرحلة المقبلة دون رقيب او حسيب. وهو امر ممكن ان لم تنجح تنسيقيات الثورة في اعادة ترتيب صفوفها واعتماد الأساليب السلمية للتعبير عن غضبها فهي الطريقة الوحيدة لتعطيل اي خطوة وتفكيكها. وعليه طرح السؤال من سينجح منهما في تحقيق اهدافه؟

وتأسيساً على ما تقدم قالت مصادر سياسية مطلعة لـ “المركزية”، ان طريقة المعالجة المعتمدة لن تؤدي النتيجة المرجوة قبل ان تقوم الحكومة بما يضمن ترميم العلاقات بين لبنان والدول الخليجبة والجهات الدولية المانحة فعندها الحل. وان الرهان على توفير الحل بالقدرات المالية الداخلية كما يعتقد البعض لن تؤدي الى اي نتيجة حتى ان استعادة الموال المنقولة الى الخارج لن تسمح بالقدرة على مواجهة ما يتطلبه السوق لإنهاء وجود اكثر من سعر للدولار الأميركي وان المعونات الخارجية وحدها تحدث الفرق المطلوب.

وانتهت المصادر لتقول ان العودة الى ما قال به “اعلان بعبدا” والنأي بالنفس” الحقيقي هو المخرج الوحيد المتوفر وهو ممكن خلال اسابيع قليلة. بحيث يمكن استدراج الإستثمارات الخارجية. فالنظام المصرفي الذي تلقى ضربة كبيرة لم يقض عليه، وهو ما اعترف به حاكم البنك المركزي رياض سلامه الذي تحدى من التقاه في الفترة الأخيرة بأن توافر القرار السياسي سيأتي بالحل في مرحلة اقصاها مطلع الصيف المقبل محددا شهر حزيران لبداية الإنفراج.