كتب عمر حبنجر في صحيفة “الأنباء الكويتية”:
طقس عاصف وصقيع قارس شهدهما لبنان ابتداء من عصر الجمعة الفائت، حيث وصلت الثلوج الى مستوى 700 متر عن سطح البحر، ما تسبب بانقطاع طرق الاتصال بين الجبل والبقاع، وبالتالي بين بيروت ودمشق، في غالب الأوقات.
هذا المنخفض الجوي المسمى «كريم» يبدأ بالانحسار نهار غد، ليغدو اللبنانيون أمام موجة عصف سياسية، اعتبارا من قبل ظهر الثلثاء، حيث موعد مثول حكومة «مواجهة التحديات» برئاسة حسان دياب أمام المجلس النيابي طلبا لثقته.
الثلاثاء يوم سياسي منتظر، مجلس النواب ينتظره ليناقش البيان الوزاري للحكومة ويعطيها العلامة المناسبة، والحكومة تنتظر هذا اليوم للمثول أمام المجلس بأمل الحصول على الثقة، التي هي بالنسبة لها درع التثبيت.
بدوره الحراك الشعبي المعارض، يحظر لخطف هذه الثقة من النواب، وهم في الطريق الى المجلس.
وقد شدد الرئيس ميشال عون على أهمية «ضبط الوضع الأمني والمحافظة على الاستقرار وعدم التهاون مع أي محاولة للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ومقارها الرسمية».
بدوره رئيس الحكومة حسان دياب دعا الى «هدم الجدار المعطل للدورة الاقتصادية وهو مستعجل على الثقة لينطلق بجولته الخارجية طلبا للعون».
بالمقابل، الحراك الثوري، استنفر قواه في مختلف المناطق، وقد نظم تظاهرة اختبارية من منطقة الشيفروليه الى قصر العدل فجمعية المصارف وصولا الى محيط مجلس النواب، في اختبار مبكر لمحاولة اختراق الطوق العسكري الذي قرر مجلس الدفاع الاعلى ضربه حول المداخل المعروفة لمجلس النواب، وضمن دائرة أوسع من أي وقت آخر، وتميزت خطة الحراك بالكتمان الشديد، الا أن منسقياته تتحرك على أساس انها أمام معركة فاصلة.
«حزب الله» يحاول إزالة صبغته عن الحكومة من خلال تقليص التعاطي، وتوجيه الانتقاد كما حصل، عند تحويل شعار الحكومة من الإنقاذ الى التحدي، وفي هذا السياق يقع تصريح نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الداعي الى إعطائها فرصة، وثمة من ينتظر جديدا في خطاب السيد حسن نصرالله بذكرى أربعين اللواء قاسم سليماني وقادة الحزب الشهداء في 16 الجاري.
بالمقابل، يتحدث إعلام التيار الوطني الحر عن ثلاثي المستقبل والتقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية.
وتنسب قناة «أو.تي.في» الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تسلم قيادة المواجهة، وهو يطلق رماياته اليومية من خلف متراس «تويتر» رشقات سياسية باتجاه الوزير جبران باسيل، الذي وصفه جنبلاط بالمتسلط الاول على قطاع الكهرباء ومَن وراءه في الظل.
رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع، لاحظ ان البيان الوزاري لحكومة مواجهة التحديات، بأنه يقع «خارج الزمان والمكان، ويشكل فشلا ذريعا، وفضفاض وإنشائي، لا يستحق اكثر من 3 على 10».
وبات واضحا ان هذا الثلاثي ومعه نواب الكتائب وعدد من المستقلين، سيحضرون الجلسة إذا تيسر لهم الدخول الى المجلس لكنهم سيحجبون الثقة او يمتنعون عن التصويت، كما حصل في جلسة التصويت على الموازنة.
ومن روما، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الى استعادة الدولة المدنية في لبنان بدلا من دولة الأحزاب الطائفية، واستكمالها بلا مركزية موسعة ومجلس الشيوخ، بما يلغي المادة 95 من الدستور التي لا نريدها، والتي تنص على إلغاء الطائفية السياسية.
في غضون ذلك، ثمة شأن آخر يشكل حكومة حسان دياب ويتمثل بكيفية التعامل مع سندات اليورو بوند التي تستحق في مارس، وأبريل ويونيو، والتي تساوي نحو مليارين و300 مليون دولار، إضافة الى فوائد دين عام عليها دفعها، وأوضحت مصادر حكومية ان وعودا جدية تلقاها رئيس الحكومة من دول عربية وأجنبية بالدعم، وخصوصا الاتحاد الاوروبي الذي التقى دياب سفراءه في بيروت وطلب إليهم فتح خط ائتمان لتأمين حاجات لبنان الضرورية، واعتبرت المصادر ان سعر الدولار في بيروت سعر وهمي وعندما يبدأ انخفاضه سيتخلى اللبنانيون عنه، عندها تتوافر السيولة بالدولار، ويبدو ان الرئيس دياب يرى تسديد الاستحقاقات مهما كانت الصعوبات.
وقد أرجأ مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شنكر زيارة بيروت، الى ما بعد نيل الحكومة الثقة.
إلى ذلك، يستعد تيار المستقبل للاحتفال بذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الجمعة 14 الحالي، حيث يتحضر الرئيس سعد الحريري لخطاب عالي السقف.
وكان الحريري أوعز بنقل مكان الاحتفال الجماهيري من قاعة بيال الفسيحة الى باحة بيت الوسط، لاعتبارات عدة، أبرزها الأمن.