IMLebanon

وصفات العلاج اكثر من ان تعدّ… فلمَ الاجراءات الموجعة؟

في حديثه امام وفد من المجلس التنفيذي للرابطة المارونية في 29 كانون الثاني الماضي، اعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون “أن الأزمة الاقتصادية المالية تبقى الأخطر، حيث لا الإنتاج ولا المال متوفران بعد اعتماد لبنان لسنوات خلت على الاقتصاد الريعي. لذلك، نحن اليوم بصدد معالجة هذين الوضعين الصعبين، والإجراءات التي ستتخذ ستكون قاسية وربما موجعة، ما يتطلب تفهم المواطنين لهذا الأمر، وكذلك لواقع أن الحكومة الجديدة والوزراء الجدد ليسوا مسؤولين عن الخراب الذي حل بنا.”

كلام الرئيس، على تفهم دوافعه وخلفياته في لحظة داخلية بالغة الخطورة، لم ينزل بردا وسلاما على قلوب اللبنانيين الذين يرفضون تحمّل المزيد من الوجع او بالأحرى، لم يعد في قدرتهم ذلك، ما داموا على حد المثل الشعبي السائر “يشحذون الملح”، وكثر من بينهم اقدموا على الانتحار لان الملح حتى، بات متعذرا الحصول عليه في دولة نهبها حكّامها الى درجة الافلاس، وعوض ان يتحملوا مسؤولية المعالجة باسترداد اموال الدولة المنهوبة “بالتكافل والتلازم” في ما بينهم، وكل على طريقته، يطلبون اليوم من اللبنانيين دفع ثمن اقترافاتهم.

“لا” مدوّية يقولها الشعب، لن نتحمل ولسنا مستعدين لاجراءاتكم الموجعة، فقد آن الاوان لتتحملوا المسؤولية، اذا ما قررتم الاستمرار في هذا الموقع، والا، وعلى غرار دعوة راعي ابرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر امس “استقيلوا… ماذا تنتظرون”؟

تقول اوساط قريبة من الثورة لـ”المركزية” ان الثوار الذين ترسخت لديهم القناعة بأن التعاطي مع المنظومة السياسية الحاكمة بات “فالج لا تعالج”، ولم يعد من حل الا باقتلاعها من جذورها عبر انتخابات نيابية مبكرة في اسرع وقت، ايقنوا في ضوء مقاربة المسؤولين لطبيعة الازمة التي تعصف بالبلاد منذ نحو ثلاث سنوات، ولا سيما بعد انفجار الثورة في 17 تشرين ان هؤلاء لا يريدون الاصلاح ولا تغيير نهج الحكم بما يؤدي الى انقاذ البلاد، اذ استمروا في الممارسة اياها وكأن الأمور بألف خير، حتى انهم وبعدما وزعوا الحكومة المفترض انها انقاذية حصصاً في ما بينهم تحت عنوان تضليلي “حكومة تكنوقراط مستقلة”، يتجهون لمنحها غدا ثقة غير جديرة بها ما دام بيانها الوزاري الانشائي لم يقارب اكثر الملفات ايلاماً للبنانيين واستنزافا لمالية الدولة على غرار الكهرباء، ولم يجد علاج الحد الادنى لمرض التدهور القاتل. وتضيف الاوساط: الى جانب الاجراءات الكثيرة المفترض ان اهل الاختصاص نصحوا الحكومة بها لمحاولة فرملة الانهيار، ثمة الكثير من مكامن الهدر والانفاق التي يدركها ابسط مواطن، يمكن من خلالها تأمين وفر مهم لخزينة الدولة منها: وقف استخدام جميع الموظفين من كل الفئات والقطاعات في الادارات العامة، السيارات التابعة للدولة. وقف مواكب المسؤولين، وقف تزويد الموظفين بهواتف على حساب الدولة واستخدام الاتصالات الدولية. انهاء وظيفة المرافقين الا لكبار المسؤولين واعادة العناصرالامنية الى اجهزتها التي هي في امسّ الحاجة اليها، لحماية الامن والحدود بعدما بات بعض هؤلاء يستخدمون لغير الامن، والمشاهد كثيرة الى درجة تدمي القلب.وقف بند النثريات والهدايا في الوزارات، الحد من سفر الموظفين الا عند الضرورة وفي درجات عادية. منع النزول في الفنادق الفخمة على حساب الدولة. وقف اصدار اي منشور من قبل اي مؤسسة وضبط موازنة الادارات في هذا المجال. وقف موازنات الدراسات، والحفلات وغيرها. استخدام سيارات صغيرة في حال الاضطرار. وقف معاشات التقاعد للنواب وعائلاتهم. الحد من الحوافز للعناصر الامنية التي تحال الى التقاعد.ضبط موازنة رئاستي مجلسي النواب والوزراء سواء لجهة المستشارين اولناحية المؤسسات الدينية، تخفيض فاتورة الكهرباء في الادارات.

حسم 10 % من موازنة النفقات غير المجدية في الموازنة العامة. تشديد الرقابة على المؤسسات الخاصة التابعة للدولة والتي تديرها مجالس ادارة مثل كازينو لبنان والميدل ايست وانترا وغيرها. وقف تقديمات الدولة الى الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية بعدما تبين ان معظمها تنفيعات سياسية لا تقدم الخدمات التي تعلن عنها، ضبط ادارة صندوق الضمان الاجتماعي.الغاء كل المجالس والصناديق والهيئات والحاقها بالوزارة المعنية ووقف العمل بالادارة الموازية عبر المجالس التي تعمل من دون مراقبة مسبقة او لاحقة. اجراء مسح لاملاك الدولة والمباني والبدء في اشادة مبان حكومية في املاك الدولة ووقف عقود الايجارات وبعضها خيالي، يكبد الخزينة مبالغ طائلة، وقد تبين ان بعض الوزارات يستأجر مباني لا يحتاجها لتنفيعات شخصية .

هذا غيض من فيض تختم الاوساط، وعيّنة بسيطة مما يمكن ان تعتمده الدولة اذا قررت حقيقة معالجة الازمة، علما ان ثمة الكثير مما يضاف على غرار استعادة المشاعات المسروقة التي تمت السيطرة عليها من قبل افراد بغطاء سياسي وتم تسجيلها على انها املاك خاصة بهم. لكن المشكلة، على ما يبدو ليست في العلاج انما، وللاسف، في انتفاء الرغبة في وصفه.