IMLebanon

السلطة منشغلة بإنهاء 17 تشرين..اما قتلةُ الجيش فيُواجَهون بالبيانات!

علي اسماعيل وأحمد حيدر أحمد وحسن عز الدين. انهم شهداء تحلُّل الدولة وانكفائها لصالح الدويلة. هم عسكريون. نعم أبناء المؤسسة العسكرية، تتجرّأ قوى الامر الواقع على نصب كمائن لهم واطلاق نيرانها في اتجاههم، من دون ان يرفّ لها جفن.

في الامس، استشهد العناصر الثلاثة في منقطة المشرفة – الهرمل، إثر تعرض آليتهم العسكرية لكمين مسلح وإطلاق نار أثناء ملاحقة سيارة مسروقة. حوادث مماثلة، لا تعد ولا تحصى سُجّلت خلال العقود الماضية. اعتداءات بالجملة تعرّضت وتتعرض لها الاجهزة الامنية الشرعية اثناء قيامها بواجبها، في مناطق تُعتبر محرّمة عليها، وتابعة لسيطرة جهات نافذة مسلّحة، غالبا ما تكون “مغطاة” حزبيا. هذه المربعات تقول مصادر سيادية لـ”المركزية” التي تتوزع في شكل خاص بين البقاع والجنوب وضواحي العاصمة، ممنوعٌ على الدولة دخولها، والكلمة فيها، لقوى الامر الواقع، اولا وأخيرا. الا نذكر مثلا، استشهاد النقيب الطيار في الجيش سامر حنا أثناء قيامه بالواجب العسكري في آب 2008، بعد اعتداء عناصر حزبية على مروحية الجيش التي كان يقودها فوق تلال بلدة سجد الجنوبية؟ وهل ننسى عشرات الشهداء الذين سقطوا والجرحى الذين أصيبوا خلال مداهمات أو مطاردات كانوا ينفذونها في احياء بعلبك او الضاحية الجنوبية، التي باتت مرادفا للفلتان والتسيب الامني؟

مَن بنوا جزرا امنية خاصة بهم في هذه المناطق، مستمرون في تحديهم الدولة. لماذا؟ لأن الاخيرة استسلمت امامهم. تبدّل الجالسون في قمرة قيادتها، الا ان اداءهم “الانبطاحي” امام خصوم الشرعية، بقي هو هو. في العلن، كلّ من تعاقبوا على ادارة البلاد وعدوا بـ”الحزم” و”الضرب بيد من حديد”، الا ان كل تعهّداتهم هذه، تماما كالوعود بالاصلاح ومحاربة الفساد، ذهبت مع الريح ولم تجد اي ترجمة عملية لها. فالاقتصاص من الخارجين على القانون، لم يحصل ولو مرة واحدة، بالشكل اللازم وبالصرامة المطلوبة، ليكونوا عبرة لمن اعتبر. كما ان اي قرار جدي لفرض الامن وسيطرة القانون على مناطق الدويلة، لم يُتخذ يوما – ربما لان مغطّي المافيات باتوا، وللمفارقة، في قلب الدولة- وقد تم “تمويه” هذا التخاذل، خلف خطط امنية كانت في كل مرة، تنتهي الى فرار المطلوبين بدلا من توقيفهم!

ولتثبّت الدولة ركائزَ سياستها “الانهزامية” أكثر، أجمع أركانها ومسؤولوها كلّهم على استنكار التعرض للجيش في الهرمل، نفضوا الغبار عن بيانات الادانة التقليدية التي أصدروها ابان الحوادث السابقة وبدّلوا فيها فقط المكان والزمان واسماء الضحايا.

عند هذا الحد، ستنتهي المتابعة الرسمية، خاصة في هذه المرحلة المفصلية من عمر البلاد. فالدولة منشغلة بأمور أخرى “مصيرية”، أوّلها “إحباط” انتفاضة 17 تشرين! وهي تجنّد طاقاتها كلّها الامنية والعسكرية والقضائية، وتسخّرها، لمواجهتهم. جلسة طرح الثقة بالحكومة في البرلمان غدا، استدعت مثلا انعقاد المجلس الاعلى للدفاع الجمعة الماضي في القصر الجمهوري في بعبدا، ووضع خطة محكمة لمنع الثوار من قطع طرق ساحة النجمة امام النواب، بعد ان تم توسيع رقعة الاجراءات الامنية في وسط بيروت وإعلاء الجدران لعزل المقار الرسمية عن الناس.

يحار المرء أيضحك ام يبكي امام هذا المشهد. بدل ان تتفرغ السلطة لمواجهة مَن يقتلون جيشها، تضع نصب عينيها “ضرب” مَن ينادون بقيام دولة حقيقية فعلية قوية نظيفة، فأبشروا!