اما وقد اقرّت حكومة “مواجهة التحدّيات” بيانها الوزاري المؤلّف من 16 صفحة تحظى الازمة الاقتصادية والمالية وطرق معالجتها بالعدد الاكبر منها، على ان تحضر غداً امام مجلس النواب لاختبار الامتحان الاخير، الثقة، كي تُصبح مُكتملة الشرعية، توقّف مراقبون عند الفقرة المتعلّقة بالسياسة الخارجية وموقف لبنان من تطورات المنطقة باعتبار ان التزام الحكومة بما ورد فيها، لاسيما لجهة سياسة النأي بالنفس يُعطي اشارة خضراء للمجتمع الدولي ليمنح ثقته لها وبالتالي فتح باب المساعدات الاقتصادية والمالية.
ومع ان حكومة الرئيس حسان دياب “استنسخت” عن الحكومة السابقة الفقرة المتعلّقة بعلاقاتها مع المجتمع الدولي بتأكيدها على احترامها المواثيق والقرارات الدولية كافة، والتزامها قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 وعلى استمرار الدعم لقوات الامم المتحدة العاملة، غير انه “فاتها” كما يبدو ما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام السلك الدبلوماسي مطلع العام، حين وضع بشكل واضح وصريح النقاط على حروف السياسة الخارجية والقرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة.
وفي الاطار، ذكّرت اوساط سياسية معارضة عبر “المركزية” بما قاله الرئيس ميشال عون امام اعضاء السلك الخارجي في 14 كانون الثاني الماضي معلناً “التمسك بالقرار 1701 وبالقرارات الدولية والشرعية الدولية والحق بتأمين استعادة حقوقنا وارضنا ومنع التوطين في لبنان كما التمسك بمبدأ تحييد لبنان عن مشاكل المنطقة وابعاده عن محاورها من دون التفريط بقوّة لبنان وحقه في المقاومة ووضع استراتيجية دفاعية تُعزّز هذه الفرصة بالتفاهم بين كل اللبنانيين”.
وسألت “لماذ لم تُدرج الحكومة في فقرة السياسة الخارجية هذا النص الذي اعلنه رئيس الجمهورية ويعكس سياسة العهد، وهو الذي ادخل تعديلاً الى البيان الوزاري بإدراج فقرة خاصة بالنازحين السوريين؟ لماذا لم تستنسخ الحكومة موضوع الاستراتيجية الدفاعية من موقفه امام السلك الدبلوماسي لتعزيز الثقة بها، لاسيما ان الخارج، خصوصاً الاميركي والاوروبي يعتبرانها حجرا اساسيا لقيام الدولة القوية من خلال حصر السلاح بيد الشرعية والقوات المسلّحة من جيش وقوى امن داخلي”؟
وذكّرت الاوساط “بأن الرئيس عون سبق وتعهّد عشية الانتخابات النيابية التي جرت في العام 2018 بادراج الاستراتيجية الدفاعية بنداً اساسياً على طاولات الحوار بعد اجراء الاستحقاق الانتخابي، وعلى هذا الاساس لا يتردد المجتمع الدولي عند كل استحقاق بالتذكير بوعده وضرورة ترجمته”.
أما عن سبب “تغييب” الاستراتيجية الدفاعية عن البيان الوزاري، فلم تستبعد الاوساط المعارضة ان تكون ايادي “حزب الله” وراء ذلك، من خلال تضمينه عبارة “التمسّك بحق اللبنانيين في المقاومة لتحرير الارض” بما يعني استعادة ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة” بطريقة مُبطّنة جاءت في مصطلح “حق اللبنانيين بالمقاومة”.
واشارت الى “ان هذه العبارة المُبطّنة ستُشكّل منصة اساسية للمعارضة للتصويب على الحكومة، وهو ما يجب على الرئيس دياب توضيحه خلال جلسة الثقة بردّه على انتقادات النواب وتأكيده على الالتزام بالنأي بالنفس قولاً وفعلاً وتحييد لبنان عن صراع المحاور، واعلانه مناقشة الاستراتيجية الدفاعية في اقرب فرصة حتى ولو كانت الاولوية لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية”.
وشددت الاوساط على “ضرورة ان ترسم حكومة “مواجهة التحديات” خطها السياسي، لاسيما في تعاطيها مع الخارج من دون مراعاة موقف المقاومة، بمعنى ان ترفع شعار مصلحة لبنان فوق كل اعتبار”.