كتب علي الأمين في “نداء الوطن”:
تتجاوز جلسة الثقة بحكومة الرئيس حسان دياب المقررة اليوم نفسها، في ظل انعدام الثقة، الأخلاقية قبل السياسية، أصلاً بمكونات السلطة التي انبثقت منها، وبالتالي “سحب البساط من تحتها” وفقدان الأمل بقدرتها على لجم الانهيارات الوشيكة على صعيد المال والاقتصاد والسياسة.
وتقترف السلطة هذه المرة، إضافة إلى خطاياها الوطنية، نقيصة لاأخلاقية “فاقعة”، عبر محاولة التنصل “الفظة” من هذه الحكومة التي شكلها فريق الأكثرية الممانع والمقاوم، والتي تبدو أنها الشغل الشاغل لأطرافه أو معظمها من الحكومة التي لم تنل الثقة بعد، ولم تباشر تنفيذ ما كلفت به من أقطاب السلطة أو الأكثرية النيابية التي سمت وزراءها ورئيسها.
رئيس “المردة” سليمان فرنجية الذي نال وزيرين يعتد بهما امام انصاره في ساحة زغرتا، باعتباره انتزعهما من خصمه اللدود والحليف في آن في محور المقاومة الوزير السابق جبران باسيل، ها هو اليوم يحاول ان يسحب احدى قدميه من ملعب الحكومة، بقوله إن نواب كتلة ابنه طوني سيمنحون ثقة سياسية لحكومة دياب.
كذلك “حزب الله” ومن خلال بيان كتلته النيابية “الوفاء للمقاومة” يريد التملص من مسؤولياته، عبر الخداع والالتفاف عندما قالت في بيانها الأخير: “تدرك الكتلة أن طريقة تشكل الحكومة الراهنة تفسر عدم وجود برامج إنقاذية جاهزة ومعدة لمعالجة الأزمات المالية والنقدية والاقتصادية، فضلاً عن الأزمات الاجتماعية الأخرى”، وهو يتنافى مع كل التهديدات التي أطلقها مسؤولو “الحزب” ومنهم نائب أمينه العام نعيم قاسم، الذي وصف المعترضين على حكومة دياب بالمعتدين على الاملاك العامة والخاصة، معلناً رضاه عن الحكومة التي قال إنها يجب أن تعطى فرصة.
بين موقف كتلة “الوفاء للمقاومة” وفرنجية، ما يوحي ان التأييد للحكومة من اصحابها فيه، من “الخديعة الكبرى”، ذلك ان رئيس “كتلة المستقبل” النيابية سعد الحريري، كان اشترط لرئاسة الحكومة ان يؤلف حكومة منسجمة من التكنوقراط وتحدّد لها مهلة بين ستة وثمانية اشهر، لكن شرطه هذا تم رفضه، وعلى رغم أن الحريري شريك في الأزمة الحالية، ومرفوض من قبل الانتفاضة كرئيس للحكومة، إلا أن ما يقوله “حزب الله” وفرنجية اليوم، يصب في ما اشترطه الحريري عن الانسجام، هذا اذا صدق ما يقولانه بشأن الحكومة الحالية. أما إذا لم يصدق توصيفهما وهذا على الأرجح، فإن الثابت أن فريق السلطة ليس لديه أي رؤية للحل، ولا طريقة واضحة للسير في لجم الانهيار المتدحرج ككرة الثلج، وهو يكشف الى حدّ بعيد ما ذهب اليه المنتفضون في الشارع، من أن مسببي الأزمة والانهيار لن يكونوا خشبة خلاص للشعب والمؤسسات.
ليس هذا بل أكثر من ذلك فحين يعقد لقاء حزبي شيعي لبحث مسألة استحقاق دفع الدين اليوروبوند بعد شهر، فذلك مؤشر الى ان الحكومة ليست في وضعية تعرف ماذا تفعل، فالرئيس نبيه بري جمع الى وزير المال الحالي وزير المال السابق علي حسن خليل ونواباً ومسؤولين في “حزب الله”، من اجل الاتفاق على كيفية التعاطي مع الاستحقاق بعد شهر، وخلص المجتمعون، على ما تسرب من النائب ياسين جابر ومن بعض الصحف، الى أن الاتفاق أقرّ بعدم الدفع. وفي معزل عن صوابية الموقف هذا أو عدمه، إلا أن الثابت أن أطراف الاكثرية مستمرون في حساباتهم الحزبية والضيقة على حساب المصلحة العامة، فالثنائية الشيعية على ما يبدو، ليست في وارد الانتقال الى مرحلة جديدة، بل باتت عاجزة عن ان تقدم شيئاً إلا في اطار تعزيز نفوذها والعلاقات البينية، وسوى ذلك من اعادة تقديم نموذج جديد لادارة السلطة، فهو لا يبدو في حساباتها.
الحكومة الحالية تعكس واقعاً مؤلماً وموضوعياً، فهي تعبير عن أن الأكثرية النيابية المقاومة، عاجزة عن المقاومة، بل تبدو في وضعية العجز والانكفاء، فالاسئلة المطروحة على الحكومة اليوم، هي وحدة الرؤية وأن تعرف ماذا تريد وأن تخاطب الناس بمسؤولية، وهذه كلها مفتقدة وفاقد الشيء لا يعطيه، لذا في مشهد اليوم الثلثاء ما يجعل من الحقيقة فعلاً حاضراً، شعب لبناني يصر على عدم منح الثقة لحكومة العجز والكوارث، وسلطة تتمسك بحسان دياب الذي تعده كي يكون مشجباً للفشل الذي يتناسل من هذه السلطة التي تمخضت فولدت حكومة حسان دياب. “كما تكونون يولّى عليكم”!