بعد ان بات رسميا خارج “السلطة” وترك السراي وجنّة الحكم، لإدراكه على الارجح، انها تحوّلت في اعقاب اندلاع ثورة 17 تشرين، جحيما ونارا تحرق من يقترب منها، يستعد زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري لإحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، في صورة مختلفة تماما هذا العام، ليس فقط من حيث المضمون انما من حيث الشكل ايضا.
رئيس الازرق، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، عدل في الايام الاخيرة عن فكرة اقامة حفل جماهيري كبير في واجهة بيروت البحرية، وفضل الاستعاضة عنه بحفل في بيت الوسط حيث سيكون شخصيا في استقبال المناصرين، بحسب ما أعلن كوادر التيار. صحيح ان همّ “الحشد” وهمّ اصطدام الحزبيين مع الثوار الموجودين منذ اسابيع في وسط العاصمة، أثرا في قرار الحريري هذا، الا انه يسعى ايضا من خلال هذه الخطوة – فتح ابواب منزله امام الناس – الى إظهار نفسه كزعيم سني ومرجعية سياسية في بيئته، تماما كما يفعل رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط في المختارة مثلا. وكأنه في مبادرته هذه يقول “أنا خارج السلطة نعم، الا انني الرقم الاصعب والممثل-الرمز، الاول في طائفتي”.
هذا في الصورة، أما في مضمون المناسبة، فإن الحريري يتّجه نحو اطلاق خطاب “ناري” وفق اوساطه. خطوط كلمته باتت شبه واضحة: التصويب على التيار الوطني الحر اولا، ورد التهم التي تلصق بالمستقبل وبالحريرية ككل، عن مسؤوليتهما في شأن الدرك المتدني الذي بلغته البلاد اقتصاديا وماليا ونقديا.
على اي حال، تساعد الاعلانات التي يسوّقها إعلام “الازرق” منذ أيام في معرفة ما سيركّز عليه الحريري. وهي تقول “تريدون معرفة من كهرب البلد منذ 25 عاما بلا كهرباء، ومن اوصل البلد الى الانهيار، ومن عطّل البلد لولد الولد، ومن هم أبطال الفراغ بالسنين والشهور والايام؟ الجواب في 14 شباط”.
المصادر تشير الى ان الرئيس الحريري الذي انتهج منذ استقالته من الحكومة، نهج المواجهة والتصعيد، لا سيما في وجه التيار الوطني الحر وتحديدا ضد رئيسه النائب جبران باسيل، سيواصل السياسة عينها في ذكرى استشهاد والده. فالتصويب على البرتقالي بالمباشر سيحتل حيزا بازرا لا بل الابرز من خطابه. الا ان هذا التوجه، سيفٌ ذو حدين، بحسب المصادر. فأيٌ من اللبنانيين، حتى الاقل متابعة للشأن السياسي، لم يغفل بعد التسوية الرئاسية وعلاقة التشابك والتحالف غير المسبوقة التي أنشأتها بين الحريري و”صديقه” باسيل. فعلى أساسها سارا في حكومتي عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الاوليين. وقد قادا في هدي هذه التسوية، البلاد وقضاياها السياسية والانمائية والمعيشية والاقتصادية والادارية (…)، كلّها، بالتكافل والتضامن! وذلك يعني، تضيف المصادر، ان التصويب على أخطاء “البرتقالي” وإخفاقاته، سيصيب “الأزرق” في الوقت عينه! ربما هو لم يكن مسؤولا مباشرا عن هذا الملف او ذاك، الا انه لم يعارض ايا من توجّهات “التيار الوطني” او قراراته او خططة، بل على العكس، حيث اشتكى مرارا وتكرارا من رفض القوات اللبنانية مثلا او الحزب الاشتراكي، لما يطرحه فريق باسيل “كهربائيا”، وانتقاد معراب “تسييس” و”محاصصة” التعيينات الادارية، مثلا.
فهل سينجح الحريري في عملية “حرق” صورة البرتقالي وتبييض صفحته، في الوقت عينه؟!