كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
ينشغل لبنان اليوم باستحقاق جديد وهو نيل حكومة الرئيس حسان دياب الثقة ومباشرتها العمل وإطلاق ورشة إنقاذية، في حين يؤكّد الثوّار أن هذه الثقة ستتمّ بحماية “جدار العار” الذي يفصل الشعب عن مؤسساته الدستوريّة.
الجميع جهّز العدّة لمنازلة اليوم، الكتل النيابية الداعمة تحشد العدد الأكبر لنيل الثقة، وتعالج بطريقتها النواب “الحردانين” الذين لوّحوا بحجبها، والكتل المعارضة تراهن على نيل الحكومة رقماً خجولاً يشبه إلى حد ما الرقم الذي ناله دياب أثناء الإستشارات النيابية الملزمة وأقل.
من جهتهم، يعدّ الثوّار العدّة لمنازلة الثقة، إذ إنهم وعلى رغم التعزيزات الأمنية التي فرضتها السلطة في محيط ساحة النجمة وصولاً إلى الطرق المؤدية إلى مجلس النواب، إلا أنهم يعقدون العزم على منع النواب من الوصول وإسقاط الحكومة بالضربة الشعبية القاضية.
ولهذه الأسباب تكثّفت الإجتماعات بين الثوار في الساعات الماضية من أجل تنسيق خطّة التحرّك والمواجهة حيث يأخذ كل قسم طريقاً معينة من أجل التصدّي للنواب، وهذه التقسيمة قد تسهّل على الثوّار تحركهم وتوزيع الأدوار، لكن من أجل نجاح المهمّة فإنهم يحتاجون إلى أعداد بشريّة لأن الأجهزة الأمنية ستتصدّى لهم.
وتثبت كل الحسابات الرقمية أنّ إمكانية إسقاط الحكومة في المجلس باتت شبه مستحيلة لأن محور “التيار الوطني الحرّ” و”حزب الله” و”المردة” وحركة “امل” والحلفاء يملكون أكثر من 65 نائباً، وإذا تمرّد نائبان أو ثلاثة سيظلون يملكون الأغلبية، لأن إعلان كتلة “الكتائب”، التي تملك 3 نواب والنائبين نعمة إفرام وشامل روكز ونواب معارضين، مقاطعة الجلسة سيصعّب مهمة إسقاطها.
وتبقى من بين السيناريوات المرسومة نية “حزب الله” عدم تحمّل مسؤولية الإنهيار، وبالتالي فإن هذه الحكومة محسوبة عليه، وفي حال تغيّب عدد من نواب كتل “8 آذار” وحضر نواب “القوات اللبنانية” و”الإشتراكي” و”المستقبل” وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي فقد تسقط الحكومة، عندها ستكون اللعبة مكشوفة إذ لا سبب مقنعاً لغياب بعض النواب الموالين، وتصبح حينها حكومة دياب حكومة تصريف أعمال، وبالتالي لا يتحمّل “حزب الله” مسؤولية الإنهيار المقبل.
وأمام كل هذه الوقائع يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي على جلسة ثقة سريعة مثلما حصل أثناء جلسة الموازنة واختصار الوقت خوفاً من مواجهات أمنية مرتقبة، في حين يريد دياب نيل الثقة سريعاً من اجل المباشرة بالعمل وعدم هدر المزيد من الوقت.
وتراقب أوساط قصر بعبدا ما ستحمله مناقشات البيان الوزاري، إذ إن الأولوية حسب رأيها هي لنيل الثقة، وبعدها ينطلق عمل الحكومة.
وتؤكّد مصادر قريبة من بعبدا لـ”نداء الوطن” أن عمل الحكومة سينصب بعد نيلها الثقة على “تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية المطلوبة منها، لهذا فإن الرهان على تمرير جلسات الثقة وانتظام عمل المؤسسات”. وتشدّد على أن “الوضع الإقتصادي مقلق جداً، ونقوم بكل ما بوسعنا من أجل الإنقاذ، وهذه المسؤولية لا تتوقف على جهة واحدة بل يجب أن تتضافر الجهود من أجل تحسين الأوضاع”.
لا شكّ أن لبنان دخل مرحلة مفصلية مهمة، لكن التحديات كبيرة جداً، والمعالجات لم ترتقِ بعد إلى هذا المستوى، خصوصاً ان الإتكال على الدعم الدولي ليس هو الحلّ، إذ إن تلك الدول لن تمنح لبنان “شيكات” على بياض مثلما كانت تفعل سابقاً، بل إن أي مساعدة حالية مشروطة بجملة إصلاحات ضرورية لوقف مزاريب الهدر، ولم تظهر أي نية حتى الساعة لدى الطبقة الحاكمة للقيام بهذه المهمة المطلوبة.
في جلسة الثقة، قد يحمي جدار العزل الذي يطوّق مجلس النواب الحكومة الجديدة والمجلس معها، لكن من سيحمي هذه التركيبة لاحقاً عندما تبدأ اتخاذ التدابير المؤلمة التي سيتحملها الشعب، في حين أن الفاسدين لا يزالون يسرحون ويمرحون وهم بحماية هذه الطبقة؟