اسبوعان مرا على تكليف محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة العراقية، وسط “تعثر” في التشكيل، بسبب التجاذبات بين الكتل السياسية حول توزيع الحقائب الوزارية. في المقابل، هدّد تيار مقتدى الصدر بإسقاط حكومة علاوي في غضون ثلاثة أيام، في حال ضمّت تشكيلته شخصيات حزبية، لا سيما من الفصائل الشيعية المسلحة. فهل سيتمكن علاوي من اجتياز العقبات التي تعترضه وتشكيل الحكومة قبل انتهاء المهلة الدستورية في الثاني من آذار المقبل، في ظل التظاهرات التي يشهدها العراق منذ مطلع تشرين الأول الماضي، المطالبة برحيل الطبقة السياسية الحاكمة، وإجراء انتخابات مبكرة؟
الخبير العسكري نزار عبد القادر أكد لـ”المركزية” “أن الوضع العراقي معقّد ومأزوم نتيجة الحال السياسية غير المنتظمة، خاصة داخل البرلمان العراقي، حيث ان اكثرية الكتل القادرة على المشاركة في تسمية رئيس للحكومة ملتزمة بالخط الايراني”، لافتاً إلى “أن رغم الخلافات والصراع بين هذه الكتل على النفوذ، إلا أن أكثريتها تأتمر بأوامر ايران، الامر الذي ينعكس على تشكيل الحكومات ويعرقل اداءها في إدارة البلاد اولا، وفي التصدي للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها العراق ثانياً، بالاضافة الى التصدي لظاهرة الفساد وهدر المال العام”.
واعتبر عبد القادر “أن العراق خسر منذ حكومة نوري المالكي حتى اليوم عشرات مليارات الدولارات بسبب الفساد وهدر المال العام وضياع كل الفرص لتأمين الخدمات والوظائف للشعب العراقي. ومع حكومة عادل عبد المهدي وصل العراق الى مأزق، يؤكد أن الحكومات مازالت عاجزة عن تلبية طموحات الشعب”. وتابع: “لذلك بدأت التظاهرات ليس في بغداد فقط انما في كل المدن العراقية وخصوصا في الجنوب حيث اكثرية السكان من الشيعة، فانعكس الامر على مستوى كامل كيانية الدولة العراقية وعلى قدرتها على الاتيان برئيس حكومة قادر على تشكيل حكومة ترضي الشعب وتهدئ الشارع. وظهر انقسام بين المعترضين على أداء الحكومات، من خلال خروج مقتدى الصدر وجماعته من الشارع وانقلابهم عليه. فتوصلت القوى السياسية بعد طول عناء الى تكليف محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة الجديدة، بعد محاولات لزج رئيس الجمهورية برهم صالح في اختيار اسم رئيس الحكومة من خلال صلاحياته كرئيس للجمهورية، لكنه عاد ونزل عند رغبة الكتل النيابية الاساسية وسمّى علاوي”.
وأضاف: “حاول علاوي، ان يعبّر عن نوايا حسنة تجاه الشارع واعداً ألا تكون هذه الحكومة كسابقاتها، لكن يبدو ان قسماً كبيراً من الشارع لا زال يتحفّظ على اسمه على اساس انه لن يتمكن من الوفاء بوعوده كما حصل في الحكومات السابقة”.
ورأى عبد القادر “أن علاوي قد يتمكن من تشكيل حكومة، لكن استبعد نجاحها في استيعاب موجة الاحتجاج في الشارع، لأن كالعادة لن يستطيع ان يشكل حكومة من المستقلين او المعتدلين حيث ستفرض الكتل النيابية نفسها من جديد عليه، لإجباره على تشكيل حكومة محاصصة كالحكومات السابقة، بحيث ان هذا لن يرضي الشارع، وسيستمر في احتجاجاته”، مشددا على “أن في حال لم تنجح الثورة في تحرير المجتمع السياسي العراقي من فائض النفوذ الايراني فإنه سيكون من الصعب جدا الاتيان بأي حكومة قادرة على اعادة الامن والاستقرار المدن العراقية”.
وختم: “موضوع العراق شائك ومعقد جدا وتلفه حال من الشك والغموض، فلا ايران مستعدة للتخلي عن نفوذها، ولا حلفاؤها مستعدون لعدم المشاركة في الحكم والحصول على الحصص التي تتناسب وكتلهم. والمشكلة الأكبر هي ان الدولة لها شريك في قواتها الامنية (الحشد الشعبي) وهذا ايضا من اسباب غضب الشارع المستقل في العراق. هذه الميليشيات التي تأتمر بأوامر من ايران هي اقوى من القوات المسلحة والامنية التابعة للحكومة وتسيطر على الوضع، وقد رأينا خلال التظاهرات ان هناك يدا خفية تقتل وتفتك وتخطف المتظاهرين الذين يعلنون العداء ضد ايران. الوضع صعب جدا، فحتى لو نجح علاوي في تشكيل حكومة، فإنها لن تعمّر على غرار ما حدث مع سابقتها برئاسة عبد المهدي”.