كتب عمر حبنجر وداود رمال في “الانباء الكويتية”:
حاول مجلس الوزراء اللبناني في اجتماعه الأول بعد الثقة، في القصر الجمهوري امس التقاط جمر الدَّيْن العام المشتعل بكلتا يديه الطريتين، فلم يتحمل شدة الاحتراق، رغم استعانته بقبضتي السلطتين التشريعية والمالية عبر اللقاء الثلاثي الذي جمع إلى الرئيس ميشال عون الرئيسين نبيه بري وحسان دياب وإليهما وزيري المال غازي وزني والاقتصاد راؤول نعمة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، قبل جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، فكانت العودة إلى استشارة صندوق النقد الدولي.
ولم يستطع اجتماع الرؤساء الثلاثة التوصل الى حسم المسألة العالقة المتمثلة في استحقاق سداد قسط مارس من سنوات «اليوروبوند» في التاسع منه والبالغ مليار ومائتي مليون دولار، فأركان السلطة وخصوصا رئيس الحكومة اقتنع بأن عدم الدفع، وطلب جدولة الديون، هو الخيار الانسب للاستقرار العام، مبتعدين عن وجهة نظر حاكم مصرف لبنان المركزي وجمعية المصارف المصرين على التسديد ومن ثم طلب الجدولة، معتبرة اي جمعية المصارف ان تخلف لبنان عن سداد ديونه الخارجية سيكون حدثا جللا.
وبعد الاجتماع المالي الصباحي صرح وزير المال غازي وزني قائلا: تمت دراسة خيارات متعددة والكل عبر عن رأيه وخلال المرحلة المقبلة سنستمر في البحث لاتخاذ القرار المناسب، اذ ان ذلك ليس سهلا، هذا القرار مهم للبلد وللمودعين والمصارف والقطاع الاقتصادي والهيئات الخارجية.
وأضاف وزني: النقطة الثانية التي ناقشناها تتعلق «بالكابيتول كونترول» اذ لا يمكن للمصارف ان تتعامل مع المودعين بشكل غير قانوني وغير واضح ولا يمكن ان يستمر بنوع من الاستنسابية، بحيث يكون العميل هو الحلقة الاضعف في هذا الاطار، ومن هنا صار التفاهم على ان يصدر تعميم من مجلس الوزراء بوضع حد للاستنسابية الحاصلة، وتوضيح التعاطي بين المصارف والمودعين، حماية بالدرجة الأولى للمودعين والمقترضين في المصارف.
وتقول مصادر مصرفية ان عدم تسديد استحقاق اليوروبوند، يوجب على الدولة ان تتفاوض مع حاملي السندات في لبنان وخارجه، وأن يقترن ذلك ببرنامج اقتصادي ومالي شامل تتبناه الحكومة من قبل صندوق النقد الدولي، الذي وافق على طلب «المشورة التقنية».
واستهل الرئيس عون جلسة مجلس الوزراء بتقديم العزاء في الجنود الأربعة الذين استشهدوا في كمين للصوص في الهرمل.
والرائد جلال شريف والمساعد عماد العطار من قوى الأمن الداخلي، اللذين قتلا داخل مركزهما في الاوزاعي.
ثم هنأ الرئيس الحكومة على الثقة التي حصلت عليها في مجلس النواب، ونقلت عنه وزيرة الاعلام منال عبدالصمد دعوته الجميع الى العمل بوتيرة سريعة في كل المجالات المالية والاقتصادية والمصرفية والاستثنائية والمباشر بتطبيق البيان الوزاري بإعداد خطة الطوارئ.
وأشار الرئيس عون الى الاجتماع المالي الصباحي وقال: لقد تم درس الحلول المطروحة وطلب من الوزراء المباشرة بإعداد موازنة 2021 لكي تسلك مسارها من الآن.
ثم تحدث رئيس الحكومة حسان دياب طالبا من الوزراء توقيع تعهد بعدم الترشح للانتخابات النيابية، فيما لو تمت تحت اشراف الحكومة الحالية، وقد وقع الوزراء هذا التعهد بالفعل.
كما طلب منهم توقيع تصريح عن اموالهم المنقولة وغير المنقولة والمداخيل والقروض وكل ما لديهم من استفادة مباشرة وغير مباشرة في اي مشروع والكشف عن الحسابات المصرفية في لبنان والخارج، وذلك امام هيئة مكافحة الفساد المزمع انشاؤها.
لكن مصادر الحراك الشعبي لا ترى ان ملابسات جلسة الثقة وما اعتورها من تجاوزات دستورية مجرد غيمة عابرة، على غرار ما يحصل منذ تسعينيات القرن الماضي، وغايتها انقاذ «الطبقة الحاكمة» وإطالة عمرها في جنة الحكم، كما تقول قناة «ام.تي.في» الداعمة للحراك، والتي اشارت الى ان هذه الحكومة لن تتمتع بدقيقة عسل ولا بفسحة سماح لالتقاط انفاسها.