دعا الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى “إعطاء الحكومة فرصة بمهلة منطقية ومعقولة للمساهمة بمنع الانهيار والسقوط والإفلاس”، منبّهًا إلى أنها “إذا فشلت فليس معلومًا إن كان يبقى هناك بلد ليأتي شخص على حصان أبيض ليتولى مسؤوليته”.
وقال نصرالله، في كلمة في “ذكرى القادة الشهداء”: “من اليوم الأول قلنا إنه يجب أن نعالج الأمور بواقعية بعيدًا عن السقوف العالية التي طرحها البعض، وكان ممكنًا تحت الضغط الشعبي أن تفعل التركيبة السياسية بشكلها السابق أشياء كبيرة لتفادي ما حصل”.
وأكد “أننا كـ”حزب الله” لا نفكر إطلاقًا بطريقة حزبية أو بأنفسنا، ونحن مستعدون لأن نتحمل كامل المسؤولية والمشاركة فيها لمعالجة الأوضاع القائمة ولا نهرب منها”.
وأضاف: “كنا نتمنى ألّا تستقيل الحكومة السابقة، وكنا نتمنى أن تشكّل حكومة جامعة، إلا أن الحكومة الحالية يجب أن نقدّم لرئيسها ووزرائها شجاعة تحمّل المسؤولية لأنهم أتوا في ظروف استثنائية، ويجب على اللبنانيين احترام ذلك لأن ثمة فرقًا بين تحمل المسؤولية والهروب منها”.
وتابع: “نرجو أن تنجح هذه الحكومة ونحن ندعمها ولن نتخلى عنها. نحن أمام وضع اقتصادي صعب جدًا جدًا جدًا، لذلك أدعو إلى فصل معالجة الوضعين المالي والاقتصادي عن السياسة”.
كما دعا إلى “وضع المزايدات وتصفية الحسابات السياسية جانبًا، فلا انتخابات قريبة”، منبّهًا إلى أن “الفشل نتائجه على مستوى الوطن وليس على الأحزاب السياسية الداعمة للحكومة فقط”.
وأشار إلى أنه “يجب على كل القوى السياسية دعم هذه الحكومة أو عدم قطع الطريق أمامها في الحد الأدنى لإنقاذ الوطن”، لافتًا إلى أن “ثمة من يقول إن لا حلول وإنه يجب علينا أن نستسلم للخارج، وأنا أقول إن من يبعث على اليأس فهو يرتكب خيانة وطنية، فلبنان يمكن إنقاذه لكن يجب على الجميع أن يتعاون”.
وأردف قائلًا: “التحريض عبر تسمية الحكومة بحكومة “حزب الله” يؤذي لبنان وعلاقاته العربية والدولية. “حزب الله” يدعم هذه الحكومة ويريد نجاحها لكن الجميع يعلم أنها ليست حكومة “حزب الله” ومن الكذب توصيفها بأنها حكومة “حزب الله”، فإن هذا الأمر لا يؤذينا بل يؤذي البلد”.
وتوجّه إلى القوى السياسية المعارضة للحكومة بالقول: “إتركوا هذه الحكومة تعمل، رغم أننا نتطلع إلى أكثر من ذلك، فتعالوا وساعدوها لأنها إذا استطاعت إنقاذ لبنان من الانهيار فهي تقدّم خدمة كبيرة للّبنانيين”.
وفي ما خص “صفقة القرن”، قال نصرالله: “ما سمّي بـ”صفقة القرن” بالشكل ليست صفقة لأنها من طرف واحد ولم يجر تفاوض مع الفلسطينيين بل إملاء”، معتبرًا أنها “خطة إسرائيلية لإنهاء القضية الفلسطينية تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.
ورأى أن “خطة ترامب هي تصفية كاملة ومذلة للشعب الفلسطيني والحقوق العربية في المنطقة لأنها طالت الجولان المحتل ومناطق أخرى عدة”، وقال: “لن تجد فلسطينيًا واحدًا قد يقبل بخطة تعطي القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية إلى الصهيونية، وهذا هو الحجر الأساس في مواجهة خطة ترامب”.
ولفت إلى أن “حتى الآن لا دولة وازنة لها موقف حاسم إلى جانب خطة ترامب كما عرضها هو، وهذا أمر يمكن البناء عليه”، منوّهًا بـ”الإجماع اللبناني على رفض خطة ترامب وهذا بالتأكيد سببه إدراك اللبنانيين مخاطر هذه الخطة على المنطقة وعلى لبنان”.
وأشار إلى أن هذه الخطة لها تأثيرها على لبنان “فهي تعطي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني لبلدة الغجر إلى الإسرائيليين، كما تلغي حق العودة للفلسطينيين ما يعني التوطين”.
وطمأن إلى أن “مقدمة الدستور تقطع الطريق أمام التوطين واليوم هناك إجماع لبناني على رفضه”، لكنه قال: “يجب احترام خشية البعض من التوطين لأننا لا يمكننا أن نعرف ما إذا سيتغير بعض المواقف اللبنانية الرافضة للتوطين”.
وأضاف: “الموقف العربي من خطة ترامب ممتاز، لكن الخشية أن يأتي ترامب ويفرّق هذا الإجماع، وهذا بدأ بالفعل مع بعض الدول العربية الذي يقول إنه يجب أن ننظر في الخطة بحجة الواقعية وأن السياسة فن الممكن”.
ونبّه إلى “أننا أمام مشروع جدي يجب أن يواجه بمستوى عال من الجدية وهذا يتطلب موقفًا واسعًا”، معتبرًا أن “المرحلة الجديدة تفرض على شعوبنا في المنطقة الذهاب إلى المواجهة الأساسية التي لا يمكن الفرار منها لأن الإدارة الأميركية هي من تهاجم وتفرض الحصار والمواجهة. على شعوبنا العربية الذهاب إلى المواجهة مع رأس الأفعى وهي الحكومات الأميركية المتعاقبة وإدارة ترامب حاليًا”.
وتابع: “يجب أن نقنع الناس بالحقائق الواضحة ونحن بحاجة إلى عدم الخوف من أميركا والثقة بالله وبقدرتنا وقدرة أمتنا والأمل في المستقبل لأن أميركا وإسرائيل ليستا قدرًا محتومًا”، مشددًا على “أننا “لازم نحمل بارودة” وكل شعوب المنطقة ستحمل البندقية في وجه هذا الاستكبار والطغيان الذي لم يترك مجالًا إلا لحمل البندقية”.
ولفت إلى أن “أميركا تلجأ مباشرةً إلى العقوبات الاقتصادية، وقال مسؤول أميركي إن واشنطن ستفرض عقوبات على كل المعنيين في ملف العميل الفاخوري إذا لم يتم الإفراج عنه”، داعيًا إلى “مواجهة عقوبات واشنطن بمقاطعة البضائع الأميركية وشراء البضائع الأخرى لأن الاقتصاد نقطة ضعفها”.