كتب أسامة القادري في صحيفة “نداء الوطن”:
قرأ البقاعيون خطاب الرئيس سعد الحريري في ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الـ 15 بكثير من التوجس والتمحص، خصوصاً في الشق الداخلي الذي يتعلق في اعادة هيكلة الوضع التنظيمي للتيار “الأزرق”، بعد حالة الترهل التي أصابت التيار في العديد من المناطق، ومنها في البقاع الذي يُعتبر الخزان الشعبي والجماهيري له، وما اذا كان الرئيس جدياً في مسألة القرارات المفترض اتخاذها بتجرد وجرأة في موضوع إقالة المتسلقين ووضع حد لنفوذهم داخل التيار، والثانية في تقييم الوضع البقاعي لحيثية المحازبين ومقاربة الواقع الحقيقي للمناصرين بعيداً من الحسابات الحزبية الشخصية الضيقة.
“بدأت قراءة الواقع الحزبي للتيار في البقاع الغربي” بحسب المصدر المستقبلي، وذلك من خلال الحضور الخجول لمحازبي ومناصري التيار في البقاع الغربي وراشيا، خاصة ان “الغربي” له حيثية خاصة للتيار، كونه منطقة تشهد منافسة سياسية أشبه بصراع سياسي بينه وبين حزب الإتحاد الذي يرأسه النائب عبد الرحيم مراد ونجله الوزير السابق حسن مراد الخصمين السياسيين اللدودين.
وأشار مصدر مطلع إلى أن “التيار أمام امتحان خلال المرحلة المقبلة، في البقاع الغربي، على اعتبار أن مجموعة من فاعلياته وفاعليات منطقة راشيا، بصدد لقاء الرئيس الحريري وشرح وضع البقاع الغربي وأسباب تراجع التيار، وعن بعض الشخصيات التي يضعون عليها فيتو وتسيء بعلاقتها الاجتماعية لسمعة التيار وأهله”. وقال أحد الفاعليات: “طالما أن الرئيس تحدث عن أن التيار بصدد تقديم مشروع قانون انتخابات نيابية والدعوة لانتخابات مبكرة، يعني أن هذا يتطلب رؤية واقعية لكل منطقة بمنطقتها، ودرس اسماء في الوسط الجماهيري لا ان يتم اسقاط الأسماء على غفلة كما كل مرة وبعيداً من رأي الشارع فيها”.
أما الوضع في البقاع الاوسط فيختلف عن منطقة الغربي وراشيا لاعتبار أن الشارع السني في “الأوسط” لا خصم للتيار فيه، تم اعادة ترتيب وضعه بعد الانتخابات النيابية من خلال تعيين رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين منسقاً عاماً له، ونجح الأخير في إعادة “ضبضبة” الوضع التنظيمي وأبقى التواصل مع كل مناصري التيار، ما أعطى “المستقبل” زخماً حضورياً، وأعاد ضخ الدماء في شرايين منسقيته في تعنايل.
وبدى ذلك واضحا عند الساعة الأولى من ظهر السبت الماضي، موعد الانطلاق الى بيت الوسط، من أمام منسقية الاوسط، وكان المشهد اشبه بالزحف إلى بيروت، حتى بدت ارتال من السيارات والباصات في مشهد لم يشهده البقاعيون منذ العام ٢٠٠٩.
وتعليقاً على المشهد، أكدت مصادر مستقبلية أن “في المرحلة المقبلة ستشهد المنسقيات اعادة هيكلة في العمل السياسي والتنظيمي، ومن ضمن هذه المنسقيات منسقية البقاع الغربي كونها لم تصل الى طموح المستقبليين. ولم تترك بصمة واضحة لها”.
ولفتت الى أن “احدى نقاط الاختبار في هذه المناسبة للمنسقيات الناجحة، تكمن في قدرة المنسقين والاعضاء السياسيين على التحشيد في نقطتين أساسيتين، الأولى أن الحريري باستقالته من حكومة “حزب الله” طلّق التسوية مع رئاسة الجمهورية وتفاهمه مع “التيار الوطني الحر”، والثانية دعوات البعض لـ”تسكير” بيت الوسط، وتحميل الحريرية السياسية الازمة التي تضرب البلاد، وهما نقطتان تشكلان مادتين دسمتين لتحشيد الجمهور”.
وأوضح مصدر مطّلع أن “قيادة التيار أمامها ورشة تنظيمية لاعادة الهيكلة الحزبية”، وقال: “المطلوب اليوم من المحازبين والناشطين في التيار فتح قنوات حوارية مع ناشطي الانتفاضة، لإعادة شرح ما ورد في الكتيب بالارقام والمحطات الاساسية ودور التيار في تكريس علاقة لبنان مع الدول العربية” .
لم ينف المصدر أن “احدى اهم أدوات اعادة تحشيد المناصرين كانت بفك التسوية مع التيار البرتقالي”، بعدما كانت التسوية نفسها هي بمثابة “الكمين لأكبر وأوسع تيار سياسي في لبنان، فكانت سبباً رئيسياً لتراجع شعبية التيار الازرق في وسطه الشعبي”.