بينما يسعى رئيس الحكومة حسان دياب جاهدا الى ترتيب زيارة لنفسه الى الخليج من البوابة السعودية، في جولة هدفها إبلاغ المملكة بأن بيروت لا تكنّ لها العداء، وبأن وزارته، التي أوصلها الى السراي قطارُ “حزب الله- حركة امل – التيار الوطني الحر”، ليست حكومة 8 آذار، علّ موقفه هذا يشجّع الرياض والاشقاء العرب على الوقوف الى جانب لبنان لاجتياز محنته الاقتصادية والمالية التي لن يتمكّن وحيدا من تخطّيها باقرار من دياب نفسه… في ظل هذه الجهود لـ”تبييض” صفحة لبنان التي باتت في عيون الخليجيين “صفراء”، حطّ رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني مساء امس في بيروت! وصول لاريجاني الى لبنان للمباركة بالحكومة الوليدة، وهو أول دبلوماسي يزور لبنان للتهنئة بهذا “الانجاز” وسط انكفاء عربي ودولي، سيزيد مهمّة دياب تعقيدا. فجولة المسؤول الايراني على الساحة المحلية، وفق ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، لن تسعف رئيس الحكومة في مهمّة نزع صبغة “الممانعة” عنه وإظهار “حيادية” الدولة اللبنانية في الصراع الاقليمي، بل على العكس، خاصة وان الضيف الايراني آت الينا من دمشق، وكأنه في جولة على العواصم التي تعتبرها طهران تحت نفوذها.
والأخطر ان الحدث هذا ليس يتيما ولا معزولا في الزمان والمكان، بل سبقته سلسلة محطات دلّت أيضا الى اشتداد عود “النَفَس” الايراني في لبنان. فمنذ ساعات قليلة، رفع حزب الله الستار عن نصب لقائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني، على الحدود “اللبنانية” الجنوبية. أما الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، فألقى خطابا مطولا امس ركّز فيه على انجازات محور الممانعة، مشيدا بالقيادة الايرانية وبقرارات المرشد الاعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي، ومباركا “للشعب الإيراني وقادته بالذكرى الـ41 لانتصار الثورة الإسلامية “التي صمدت في وجه كل الحروب والحصار والعقوبات”. وفي حين طالب بمقاطعة البضائع الاميركية معتبرا ان “هذه الخطوة تؤلم الولايات المتحدة، فلماذا لا نلجأ اليها”، لم تفت نصرالله المباركة للشعب البحريني بالذكرى التاسعة لثورته المُطالبة بحقوق مشروعة، لافتاً إلى أن “النظام البحريني حوّل هذه الدولة إلى قاعدة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي”…هذه الوقائع كلّها، تذهب عكس ما تشتهي سفن دياب وترمي العصي في دواليبه “خليجيا”، تضيف المصادر، اذ تشير الى ان كلمة “حزب الله” لا تزال الاقوى في لبنان، بدليل ان ايا من الرسميين، لم ولن يحاسب الضاحية لا على ممارساتها الخارقة للسيادة، ولا على تدخلاتها السياسية والعسكرية في شؤون الدول العربية.
واذا كانت الرياض ستستقبل دياب من باب “اللياقة” في قابل الايام، فإن مشاوراته في السعودية لن تنتهي الى اي دعم ملموس للبنان، طالما ان المعطيات كلّها تثبت انه لا يزال يسلّم طوعا، “رقبته” للجمهورية الاسلامية عبر “حزب الله”. وفي وقت دعا نصرالله امس الى وقف رشق الحكومة بالتهم، منبّها من أنّ “التحريض عبر تسمية الحكومة بأنّها حكومة “حزب الله” يؤذي لبنان وعلاقاته العربية والدولية، مطالبا القوى السياسية كلّها بمساندتها وباعطائها فرصة لتعمل على الانقاذ، تقول المصادر ان الدعم المنشود هذا، يُفترض ان يأتي من عرّابي الحكومة قبل سواهم.. فهل في اصرار الحزب على تعكير علاقات لبنان مع محيطه، مصلحة للحكومة؟ واذا كان ما كتب قد كتب وباتت للبنان حكومةٌ من لون واحد، قد تكون الخدمة الكبرى التي يسديها نصرالله لدياب ولبنان، تتمثل في وقف التصويب على العرب وتلطيف خطاباته تجاه الرياض، ووضع حد للممارسات التي تُظهر ان لبنان “مقاطعة” ايرانية. اما خلاف ذلك، فيعني ان اللبنانيين ذاهبون الى الاسوأ، وان خطوات الحكومة لمحاولة منع انهيار البلاد، ستكويهم بنيرانها وهم عراة من اي دعم عربي او دولي…