يعول رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، على الحكومة الجديدة في تحريك ملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بعد تعذر التوافق على خطة للتعامل مع أزمة النزوح في الحكومة السابقة، نتيجة الخلاف بين فرقائها حول كيفية مقاربة الحل.
ويعتقد مصدر نيابي في «التيار الوطني الحر» أن «التوصيف الذي يعطيه بعضهم للتشكيلة الحكومية، لجهة أنها من لون سياسي واحد، قد يكون مفيداً لها لحسم هذا الملف الذي شكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد اللبناني»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق لأوسط» أن حكومة دياب قد تكون قادرة على تحقيق «إنجاز العودة».
ورغم قرار التخلي عن وزارة الدولة لشؤون النازحين التي كان يتولاها الوزير السابق صالح الغريب، المحسوب على رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، فإن مهامها أنيطت بوزارة الشؤون الاجتماعية التي يتولاها الوزير رمزي مشرفية، القريب من أرسلان، الذي تم تعيينه أيضاً على رأس وزارة السياحة، مما يجعله عملياً يتولى 3 وزارات.
وتشير المعلومات إلى أن فريق العمل الذي كان يساعد الوزير الغريب على إعداد خطة إعادة النازحين، التي كان يفترض بالحكومة السابقة إقرارها، لا يزال يستكمل مهامه، كما الوزير السابق الغريب، ولكن في كنف وزارة الشؤون الاجتماعية والوزير مشرفية، حتى أنه تم الإبقاء على المكاتب التي كان يشغلها هذا الفريق في وسط بيروت.
وتعد مصادر وزارية أنه قد يتم العمل على تحديث خطة الوزير الغريب، إذا تبين أنها بحاجة لتحديث أو اعتمادها كما هي، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الشروع بتطبيق الخطة بات أسهل في كنف الحكومة الجديدة نظراً لتركيبتها التي تعطيها مجالاً أكبر للعمل بعيداً عن التجاذبات السياسية.
وقد أصر رئيس الجمهورية في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء لإقرار البيان الوزاري، وإحالته إلى مجلس النواب لإعطاء الحكومة الثقة على أساسه، على إضافة فقرة مرتبطة بإعادة النازحين السوريين تم اعتمادها، ونصت على أن الحل الوحيد لأزمة النزوح هو بالعودة الآمنة للنازحين إلى بلادهم، ورفض أي شكل من أشكال اندماجهم أو توطينهم في المجتمعات المضيفة.
كذلك التزمت الحكومة، في بيانها الوزاري، بتطبيق قرار مجلس الوزراء الذي اتخذته حكومة الرئيس سعد الحريري المستقيلة في آخر جلسة، والذي نص على مطالبة وزير الدولة لشؤون النازحين برفع ورقة سياسة ملف عودة النازحين إلى مجلس الوزراء لإقرارها خلال مهلة شهر من تاريخ رفعها.
ويربط الرئيس عون بين الأزمتين الاقتصادية والمالية اللتين تعصفان بالبلاد وبين أزمة النزوح. وقد أعلن الأسبوع الماضي أن كلفة أزمة النزوح السوري على لبنان بلغت 25 مليار دولار، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، معتبراً أن للبنان الحق باستعادة جزء من هذا المبلغ من الدول التي قال إنها أشعلت الحرب في سوريا.
وينسجم موقف عون مع موقف وزير الخارجية الجديد ناصيف حتي الذي اعتبر مؤخراً أن النزوح السوري كلّف لبنان أكثر من 30 مليار دولار، مطالباً بعودة سريعة للنازحين إلى المناطق الآمنة في سوريا. ويشدد حتي على وجوب إخراج الموضوع من التجاذب السياسي والمزايدات، متحدثاً عن «مسؤولية دولية لمساعدة الدول المضيفة، ومنها لبنان والنازحين السوريين بداخله».
وتعد الأستاذة الجامعية المستشارة في ملف النازحين السوريين علا بطرس أن إقرار سياسة عامة لملف النازحين السوريين «ضرورة قصوى لإخراجه من إطار التسييس الذي كان في السابق، وأضر بمصلحة لبنان، كما النازحين السوريين»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التزام رئيس الحكومة حسان دياب بإقرار السياسة العامة يجب أن يقترن بآلية عملية داخلية وخارجية لتثبيت موقف لبنان إزاء هذا الملف، مضيفة: «إن الحل يبدأ بقرار نابع من مصلحة الدولة العليا، خاصة أنه في السابق، لم يكن هناك قرار، بل مجرد مواقف وتجاذبات متناقضة».
وترى بطرس أن حل هذا الملف «يؤمن ديمومة الكيان اللبناني الذي يتخوف بشكل كبير من التوطين الذي يلوح في الأفق، مع ما يُعرف بـ(صفقة القرن)، كما يؤمن حق الشعب السوري في العودة إلى أرضه بكرامة بعد انتفاء الأسباب الأمنية التي أجبرته على اللجوء والنزوح، بالإضافة إلى إراحة لبنان اقتصادياً، بعد الأعباء المرهقة التي تكبدتها الخزينة العامة في القطاعات كافة، ومنها الكهرباء والبنى التحتية والخدمات، وتدني النموّ وارتفاع البطالة»، مشددة على وجوب «تعاون المجتمع الدولي، انطلاقاً من مبدأ تقاسم الأعباء للقيام بمشاريع تنموية، ما يعزز اقتصاد الدول المضيفة وأمنها الاجتماعي، ومنها لبنان».