عصف الدولار متواصل في اسواق لبنان، بالامس تخطى مشارف الـ 2500 ليرة للدولار الواحد، واليوم التوقعات الاقتصادية والسياسية ترشحه للمزيد في ظل غياب المقاومة السياسية والانعاش المالي، وربما بلغ سقفا اعلى يوم غد الخميس، على وهج بدء الاجتماعات الاستشارية غير الملزمة لبعثة صندوق النقد الدولي مع وزيري المال والاقتصاد اللبنانيين وحاكمية البنك المركزي اللبناني، المضغوطة بتظاهرات شعبوية للتيار الوطني الحر على خطى الحراك الثوري انما لاغراض مختلفة.
وماذا بعد؟ الاحتقان الشعبي بلغ الاوج مرة اخرى، فيما لا حكومة تدبر او تبرر، ولا معارضة بمعنى المعارضة، تعترض او تصحح، وكأننا امام حالة قدرية.
جوابا على هذا، توقع خبير مالي مسؤول لـ «الأنباء» ان تكون امام المثل القائل «اشتدي ازمة تنفرجي»، كاشفا عن توجه رسمي للبنان نحو «حل وسط» لعقدة استحقاق سندات «اليوروبوند» التي انقسم حولها اللبنانيون بين مؤيد لوجهة نظر السياسيين ومعهم بعض الخبراء المستقلين، القائلة بعدم السداد والذهاب الى جدولة الديون الخارجية، وبين داعم لجمعية المصارف وخبرائها الكثر، والقائلين بسداد السندات المستحقة والبالغة نحو مليار و276 مليون دولار، ومن ثم اعادة جدولة الاستحقاقات الاخرى.
والحل الوسط المطروح يقضي بتقسيط سداد السندات المستحقة على دفعتين او اكثر، ومن ثم اعادة الجدولة، بحيث يتم الاحتفاظ بما يكفي من النقد الاجنبي المخصص لاستـــيراد الاحتــياجــات الضرورية للناس ونتجنب في المقابل حماية المصداقية وعدم خسارة الثقة. اما بعد استشارات صندوق النقد، الذي وصل وفده امس، يقول الخبير المطلع ان تراجع الدولار مؤكد الى حدود 2000 ليرة، ومحتمل الى اقل بقليل.
في سياق قريب، يقول الخبير الاقتصادي د.توفيق كسبار لقناة «ال.بي.سي»، ان توقيت زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني الى بيروت عشية وصول بعثة صندوق النقد الدولي لم تكن مساعدة، وكأنه اراد ان يؤكد او يكرس انضمام لبنان استراتيجيا الى محور الممانعة، بمواجهة محور دعمه وانتمائه الطبيعيين: الدول العربية والغربية، مما يشكل استفزازا لهذه الدول، بحيث تحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية هذا الخيار.
مصادر سياسية متابعة قللت من اهمية زيارة لاريجاني الى بيروت، ومن جدية المساعدات التي عرض تقديمها الى لبنان، وفي رأيها انها زيارة من اجل «البروباغندا» الاعلامية، ليقول للمجتمع الدولي اننا في دمشق وبيروت وبغداد، اما عن المساعدات التي تحدث عنها من نفط وكهرباء وادوية فهذه اشبه بأسطوانة مكررة. الى ذلك، يرأس الرئيس ميشال عون صباح غد جلسة لمجلس الوزراء مخصصة لمتابعة الوضع المالي والبحث في خيارات تسديد مستحقات اليوروبوند.
في نفس السياق، أكد المستشار الأعلى للدفاع لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية الجنرال جون لوريمر أن المملكة المتحدة مستمرة في دعم لبنان، لاسيما القوات المسلحة والقوى الأمنية اللبنانية، آملا أن يتمكن لبنان من تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها حاليا.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس ميشال عون امس المستشار البريطاني الأعلى للدفاع لشؤون الشرق الأوسط.
وقال عون ان الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان حاليا هي موضع معالجة للحد من تداعياتها، لافتا إلى أن صندوق النقد الدولي سيقدم «خبرته التقنية» في الخطة التي ستعتمد في هذه المعالجة.