كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الأخبار”:
يواصل مجلس كلية العلوم في الجامعة اللبنانية نسف الآليات المعتمدة لاختيار المتعاقدين، سواء عبر حشو الأقسام بمتعاقدين جدد، أم عبر مشاريع ناخبين للقوى السياسية، كما حصل في السنتين الماضيتين، أو ما يجري حالياً من إعادة توزيع هؤلاء على الكليات أو «استعارة» كليات لمتعاقدين من كليات أخرى، في تجاوز للجان العلمية ولقانون المجالس الأكاديمية، ولا سيما لصلاحيات مجالس الأقسام وإعلان الشواغر
تتواصل فصول «صفقة» التعاقد التي اُبرمت قبل سنتين مع 60 أستاذاً في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، بالمحاصصة بين أحزاب السلطة وبمباركة رئاسة الجامعة ( راجع الأخبار 7 آذار 2018 العدد 3413). يومها، أُتخمت الأقسام في الفروع، ولم يكن بالإمكان استيعاب كل الأساتذة، فجرى التعاقد معهم في الـ«ماسترات» التابعة للعمادة من خلال مادتي anglais scientifique وméthodologie de recherche، فيما يجري الضغط اليوم لإعادة توزيعهم على الأقسام.
في قسم علوم الحياة والأرض في الفرع الرابع في زحلة، مثلاً، شكا مجلس القسم من مصادرة عميد الكلية بسام بدران ومدير الفرع جوزف وصاف لصلاحياته. فبعدما وضع رئيس القسم فؤاد فارس وأعضاء مجلس القسم الأنصبة (توزيع الساعات التعليمية في المقررات على الأساتذة)، أقرّ مجلس الكلية اقتراح مجلس الفرع بإدخال تعديلات على القرار، متعدّياً على صلاحيات مجلس القسم، ما أدى الى استقالة فارس اعتراضاً.
مصادر في مجلس القسم أكدت أن فارس هُدّد بفسخ عقود المتعاقدين، وهو ما نفاه بدران «بدليل أنه لم يخرج أي متعاقد من القسم»، فيما أوضح وصاف، في اتصال مع «الأخبار»، أن الأنصبة التي وضعها مجلس القسم «لم تنل أكثرية الأعضاء. وفي حوزتنا نسختان، إحداهما نالت موافقة اثنين من أعضاء المجلس، والثانية نالت موافقة ثلاثة أعضاء». ولفت الى أن مجلس الفرع أخذ القرار في الأيام الأخيرة التي سبقت بداية العام الدراسي الحالي «بعدما دهمنا الوقت ولم تصلنا الأنصبة بالشكل القانوني. وما فعلناه هو إبقاء الساعات مع إحدى المتعاقدات الكفوءات التي تعلّم إحدى المواد منذ سنوات، وكان مجلس القسم قد اقترح سحب ساعاتها وإعطائها لأستاذ آخر، وجرت معالجة أنصبة أحد الأساتذة الذي يعلّم مادة في غير اختصاصه، وقد نال هذان التعديلان موافقة مجلس الكلية».
وفي المقابل، أكدت مصادر مجلس القسم أن الأنصبة حازت أكثرية 5 أعضاء إضافة إلى رئيس القسم ومعارضة عضو واحد، وأنّ التعديل الذي اقترحه مجلس الفرع حصل بعد اجتماع حضره المدير وأستاذ معارض لقرار المجلس. وأشارت المصادر إلى فرض أساتذة في أكثر من فرع في الكلية على أقسام لا تطابق اختصاصاتهم (على سبيل المثال إدخال أستاذ علوم حياة في قسم الكيمياء والكيمياء الحياتية، ومن ثم فرضه في وقت لاحق على قسم علوم الحياة).
وفي العامين الماضيين، أُتخم قسم الفيزياء في الفرع الرابع بعدد من الأساتذة أكبر من قدرته على الاستيعاب، وبعدد ساعات قليلة لكل منهم. وتجري اليوم محاولة لإدخال هؤلاء إلى قسم الرياضيات وإعطائهم مواد لا تتناسب واختصاصهم الأساسي (الفيزياء)، علماً بأن قسم الرياضيات أقفل باب التعاقد لمنع التوظيف العشوائي غير الملائم لقسمه. وتحدثت المصادر عن أنّ الذهنية نفسها تطبّق في الفرع الثالث في طرابلس، حيث يجري التعاقد مع أساتذة عبر المعهد العالي للدكتوراه، ومن ثم يوزعون لاحقاً على الأقسام، إضافة إلى إدخال أساتذة لديهم عقود في كليات أخرى (الصحة والسياحة) إلى الفرعين الأول (الحدث) والخامس (النبطية).
أُتخم قسم الفيزياء في الفرع الرابع بعدد من الأساتذة أكبر من قدرته على الاستيعاب
ورغم أن المصادر أوضحت أنّ عميد الكلية أُبلغ بما يحصل في هذين الفرعين، إما خطياً أو عبر لقاءات شخصية، نفى بدران تسلمه أي تعديل بالأنصبة من أي فرع. وأكد من جهة أخرى أن الاستعانة بأساتذة من كليات أخرى للتعاقد معهم «مغطّى بقرار سابق من مجلس الجامعة، بالسماح باستعارة أساتذة من فروع وكليات أخرى، لكون باب التعاقد مع أساتذة جدد مقفل في الوقت الحالي ولن يكون هناك إعلان شواغر».
الأمر نفسه ينطبق على أكثر من فرع، كما في قسم الرياضيات في النبطية، حيث «تسعى القوى السياسية كل عامين إلى السيطرة على الأقسام من خلال الانتخابات، فيجري حشو الأقسام بأساتذة متعاقدين لزيادة عدد الأصوات التي تقترع لصالحها» بحسب مصادر في القسم. وأعطت مثالاً على ذلك محاولة رئيس القسم إدخال أستاذ معلوماتية جديد (شقيق أحد الأساتذة) إلى القسم بدل اعتماد الأصول القانونية لجهة فتح باب الترشح للتعاقد وإجراء المقابلات الشفهية، علماً بأن الأستاذ الجديد متعاقد في كلية السياحة أيضاً، فيما يوجد في القسم أساتذة متعاقدون لديهم نصاب تدريسي دون 200 ساعة، ويمكنهم تدريس المقررات المذكورة سابقاً. لكن رئيس القسم رفض، وفق المصادر، إسناد الساعات المذكورة إلى أساتذة متفرغين في القسم يرغبون في تدريسها زيادة على أنصبتهم التدريسية.