كتبت ميسم رزق في “الاخبار”:
في اجتماع المجلس المركزي لتيار المستقبل، أمس، حدّد الرئيس سعد الحريري موعداً للمؤتمر العام بعد أربعة أشهر. يريد الحريري أن يكون هذا المؤتمر أول غيث الورشة التنظيمية للتيار، علماً بأنّ أحداً لا يضمن «مستقبل البلد» غداً!
بعد خمسة أيام على خطابه في وادي أبو جميل، ووعده بإعادة هيكلة تيار «المستقبل»، ترأس الرئيس سعد الحريري، أمس، اجتماعاً للمجلس المركزي للتيار، في حضور فريق عمل مكتبه ونواب «المستقبل» وأعضاء المكتبَين السياسي والتنفيذي.
الحريري جعل أولويته، فور خروجه من التسوية الرئاسية مع العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل، ومن الحكومة، إطلاق ورشة تنظيمية على كل المستويات في «البيت الأزرق». وكلامه في ذكرى 14 شباط عن «شكاوى كثيرة» وصلت إلى مسامعه، أكّد ضرورة إيجاد «عدّة شغل» سياسية وتنظيمية جديدة، لشدّ عصب جمهوره في الأشهر المقبلة التي ستكون حافلة بصراعات محليّة وخارجية. لقاء الساعة ونصف الساعة أمس، ناقش أولوية التغيير، وما يتطلبه هذا التغيير. لكن غاب عن رئيس الحكومة السابق أمران: الأول، أن غيابه (المعنوي) لثلاث سنوات عن التيار ومشاكله سحب منه بساط القيادة الفعلية التي تتوزّع بين أطراف عدة. والثاني وعده بأن أول غيث التغيير سيبدأ بعد 4 أشهر من الآن. فمن يضمن بقاء البلد على ما هو عليه في ظل الأزمات وشحّ المال اللذَين من شأنهما قلبه رأساً على عقب، حتى يضمن انطلاق هذه الورشة، ما يعني أنها كلها «سمك بمَيْ».
سريعاً، شرح الحريري صورة التيار في المرحلة المقبلة ودوره، في الشقّين التنظيمي والسياسي. بالنسبة إلى الأول، جاءت قرارات الحريري على مستويين:
بداية، عقد المؤتمر العام للتيار بين حزيران وآب المُقبِلين، مع كل ما يرتبِط به من انتخابات داخلية، تطاول المكتب السياسي والأمانة العامة ورئيسها وكوادر ورؤساء القطاعات والمنسقيات. واللافِت أن الحريري أبلَغ الحاضرين قراره تقليص عدد أعضاء المكتب السياسي (يبلغ اليوم 33 عضواً).
في الموازاة، سيُصار إلى تكليف لجنة مشتركة تضمّ نواباً من الكتلة وشخصيات من التيار، مُهمتها دراسة وإعداد قانون للانتخابات، على أن تستعين هذه اللجنة بأشخاص من خارِج التيار باستطاعتهم المُساعدة، ويُستتبَع ذلك باستطلاعات رأي مع الناس. وركّز رئيس الحكومة السابِق على ضرورة «تعزيز العلاقات الشعبية»، والإشارة الى فتح «بيت الوسط» أمام الجميع، وتنظيم استقبالات يومية لنقابات وجمعيات ووفود شعبية.
أما في السياسة، فلم يضف الحريري أي جديد عما قاله في خطاب ذكرى 14 شباط. ففي إطار تأكيده أن المرحلة المقبلة تقتضي تحالفات جديدة للتيار، تجاهل الحريري ذكر القوات، مع الإشارة إلى أن أي جبهة جديدة سيكون الحزب الاشتراكي حجر الزاوية فيها. بينما أكد على «عدم الصدام مع الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) تفادياً لأي مشكل أو توتير مذهبي».
من الصعب أن يجِد الحريري في جمهوره اليوم من يقتنِع بأن انتخابات التيار يُمكن أن تجرى لإحداث تغيير، من دون ضغط من أحمد الحريري الذي رسمَ خلال غياب ابن خالِه خريطة جديدة منذ عام 2016 (آخر مؤتمر عام للتيار) يحتلّ فيها المساحة الأكبر من خلال فريقه الموزّع داخل الأمانة العامة. فالأخيرة هي من تحدّد لوائح الشطب، كما هي من تزكّي الأسماء المرشّحة على اللوائح، وبالتالي فإن التغيير لا يُمكن أن يتحقّق إلا بنسب بسيطة، وإن كانَ هناك قرار جديد بقلب كل الموازين في هيكل التيار.
عقب الاجتماع، اعتبر الحريري أن «ما يجري في المصارف والهجوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يدل على وجع الناس، ولكن هناك أفرقاء يعملون على تحوير أسباب وصولنا الى هنا». وتابع: «لا أدافع عن المصارف، ولكن علينا معرفة أساس المشكلة وأسبابها لنعالجها ووضع اللوم فقط عليهم لا يكفي لحل المشكلة».
وفي دردشة مع الإعلاميين، أكد أننا «لا نتنصّل من المسؤوليات، ونحن أول فريق قال إننا كنا موجودين داخل الحكومات ونتحمل مسؤوليتنا، ويجب أن نكون صريحين. قمنا بأخطاء، وأيّ مرتكب نرفع الغطاء عنه». ورداً على كلام باسيل بشأن عودة الحريري، قال: «إذا هو بقرّر أي متى برجع، يعني متل ما أنا قلت إنّو الرئيس الظل، أو لا؟».