كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
دقّت بلديات عكّار واتحاداتها ناقوس الخطر، مع تأخّر الدولة عن دفع المستحقات من أموال الصندوق البلدي المستقل وعائدات الخلوي للبلديات، إعتباراً من العام 2017.
ويأتي هذا التأخير في الدفع في وقت دخلت البلاد أزمة إقتصادية ومعيشية خانقة، ازدادت معها أعباء البلديات من جهة ومتطلبات المواطنين من جهة أخرى. ففي هذا الصدد يشار إلى أن هناك بلديات في عكّار لم تدفع مستحقات موظفيها من شرطة وكتبة وغيره لأكثر من 10 أشهر، وثمة بلديات لم تعد قادرة على تسديد التزاماتها في ما خصّ عقود جمع النفايات لشركة “الأمانة العربية”، المخوّلة جمع وطمر النفايات لأكثر من 90% من بلديات عكّار.
مع هذا التأخير بدفع المستحقات ومعاناة البلديات، يجري الحديث عن اتجاهٍ إلى إقفال البلديات أو تعليق أعمالها، إلى حين تسديد المبالغ المستحقة.
ثمّة بلديات لم تدفع مستحقات شركة “الأمانة العربية” عليها، منذ ما يقارب السنة، بخلاف ما هو منصوصٌ عليه في العقد مع الشركة على الدفع الشهري، فتوقفت الشركة عن جمع النفايات لهذه البلديات، وارتفعت أصوات المواطنين تطالب بلدياتها بالعودة إلى تسديد ما عليها، للإستمرار بجمع النفايات أقله، حتى لا تحصل كوارث في هذه البلدات على مختلف المستويات لا سيما الصحية منها، ونحن على مشارف فصل الصيف. على أن هذه البلديات تقوم حالياً برمي نفاياتها هنا وهناك بين وادٍ وآخر وتحت جنح الليل، الأمر الذي يهدد بنشوء عشرات المكبات العشوائية المضرّة بالطبيعة والناس. كما أن نفايات من مناطق أخرى تُرمى هذه الأيام في عكّار، مع اشتداد أزمة النفايات شمالاً لا سيما في المنية وزغرتا والكورة وعدم وجود حل حتى هذه اللحظة.
أشار رئيس اتحاد بلديات وسط وساحل القيطع وبلدية “مارتوما” في عكّار أحمد المير في حديث إلى “نداء الوطن” إلى أن “للبلديات متأخرات من الصندوق البلدي المستقل، من سنوات (2018 – 2019 ) ودخلنا في سنة 2020، ومتأخرات من عائدات الخلوي عن سنوات 2017 حتى اليوم، وحتى الآن لا ندري عنها شيئاً”.
أضاف: “كما يبدو أن لا نيّة أيضاً بالدفع وتحويل المستحقات، وليس هناك أملٌ بأن هناك أموالاً قادمة لنرتّب أمورنا على أساسها كما كان يحصل في السابق. كانت هناك معلومات بأن 270 مليار ليرة قد رُصدت للبلديات من أيام الوزيرة ريا الحسن من عائدات الخلوي لسنة 2017 وهذا قرار لا يحتاج إلى مرسوم، ولكن لم تعد تَرْشح أي معلومات حيال الأمر. نحن كبلديات لا نطلب المستحيل من وزيري المال والداخلية. نطالب فقط بأموالنا التي تجبيها الدولة باسم البلديات”.
وعن الكلام عن إقفال البلديات في حال استمر الوضع على ما هو عليه، قال المير: “أعلم أن الأوضاع ليست سهلة على جميع البلديات، لكنني لا أحبذ هذه الفكرة أبداً. عندنا شخصياً في بلدية مارتوما وبلديات اتحاد وسط وساحل القيطع لا أزمة نفايات لأننا قمنا بإدارة هذا الملف بالشكل اللازم، الأزمة متفاوتة بين القرى، ولكن إلى متى نستطيع الإستمرار بهذه الظروف؟”.
وتوجّه المير إلى رؤساء البلديات بالقول: “أعلم أن الأوضاع قد وصلت إلى ذروتها، والجباية إلى تراجع كبير في هذه الظروف، لكنني في المقابل أدعو زملائي رؤساء البلديات والإتحادات، في عكّار كما في كل لبنان، إلى مزيد من الصبر والتحمّل، لأننا لسنا ممن يتهرّب من مسؤولياته، ونأمل أن تكون المرحلة الصعبة هذه، مجرد سحابة صيف وتمضي”. كما ناشد المير الرؤساء الثلاثة ووزيري المال والداخلية بضرورة الإفراج السريع عن أموال البلديات، فالضائقة كبيرة والعجز سيؤدي إلى الشلل الكامل لعمل البلديات، ومن الضروري إلقاء نظرة مختلفة إلى القرى النائية مثل عكار، فالبلديات قامت بالكثير من الخدمات ومطلوب منها الكثير أيضاً، ولا يجوز أن يتم التعاطي معها بالمماطلة والتسويف. كما تمنّى المير على وزير الداخلية العميد محمد فهمي “إعادة العمل بتراخيص البناء عبر البلديات”.
بدوره، أشار مدير شركة “الأمانة العربية” خالد ياسين إلى أن “هناك بلديات سددت آخر دفعة عليها من حوالى السنة، وهناك بلديات تسدد حسب الإتفاق وأخرى تتأخّر. عدد قليل من البلديات وعدنا لمرات عدة بالتسديد وأتت الأموال ولم تسدد. نحن نراعي الأوضاع وننتظر لفترات أطول مما هو منصوص عليه بالعقد ولكن لا يمكننا المساواة بين بلدية تلتزم وأخرى تتنصّل”.
أضاف: “تحمّلنا الكثير مع البلديات. كنا سابقاً نستطيع الصبر والتحمّل أما الآن فنحن نتحمّل التأخير بالدفع وفرق الدولار فكيف بنا نستمر بهذا الوضع؟ طبعاً البلديات التي وعدتنا بالتسديد وتخلّفت مرات عديدة لا يمكننا أن نستمر بالعمل معها”. في المقابل أكّد ياسين أن معمل الفرز الذي ينفذه الإتحاد الأوروبي مع وزارة التنمية الإدارية، بحاجة إلى أسابيع قليلة من العمل ليصبح جاهزاً ويبدأ، ومن المفترض عندها أن تصبح العقود مع الدولة وهذا الأمر سيوفّر الكثير من التكاليف”.