جاء في صحيفة “الأنباء”:
انشغلت الأوساط السياسية في تفسير المغزى الحقيقي من التظاهرة الهزيلة التي نفّذها التيار الوطني الحر في محيط المصرف المركزي؛ والتي لم تعطّ نتيجة تذكر على مستوى الهدف المعلن؛ فيما كادت ان تأخذ البلاد الى مكان آخر لولا حكمة وليد جنبلاط الذي اعتاد عليه اللبنانيون منقذاً في أحلك الأزمات.
وفي التفاصيل أن دعوات وزعت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ ما قبل تظاهرة العونيين تدعو الى اكمال التظاهرة باتجاه منزل جنبلاط القريب جغرافياً من مصرف لبنان؛ ما رفع منسوب التوتر الذي فجره مرور سيارة تابعة لعضو في التيار الوطني الحر قرب مدخل منزل جنبلاط مطلقاً الشتائم، فحصل صدام مع مناصري التقدمي؛ وتبين أن صاحب السيارة بحوزته أسلحة وبطاقة انتساب الى الوطني الحر؛ وقد تم تسليم الأسلحة المصادرة الى القوى الأمنية التي عملت على فصل الطرفين؛ فيما تولى جنبلاط ونواب الحزب التقدمي الإشتراكي تهدئة الامور وضبط الشارع؛ وكان لجنبلاط كلام واضح دعا مناصريه الى الهدوء والتنبه لمحاولات استدراجهم من قبل بعض المشبوهين الذين يهدفون الى ضياع البوصلة والذهاب الى ما لا تحمد عقباه.
وفي سياق متصل استغربت أوساط سياسية معارضة كيف قرر التيار الوطني الحر التظاهر أمام مصرف لبنان اعتراضاً على سياسات حاكمه رياض سلامة؛ فيما لم يمض على التجديد لسلامة لولاية خامسة في موقعه من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون ومن التيار الوطني عدة أشهر.
كما استغربت هذه الأوساط إصرار التيار الوطني على استفزاز مناصري جنبلاط وكأن المطلوب خلق مشكلة مع الحزب التقدمي الاشتراكي لصرف الأنظار عن التخبط المالي والاقتصادي الذي يتحمل العهد والتيار البرتقالي القسط الأكبر من المسؤولية عنه ووصول البلد إلى هذا الانهيار المخيف.
في هذا السياق، علقت مصادر في القوات اللبنانية عبر “الأنباء” على تصرفات التيار الوطني الحر، فوصفتها بـ”التهريج”، سائلة “هل يعقل ان يتظاهر حزب العهد ضد العهد؟ وهل أصبح التيار البرتقالي في موقع لم يعد يعرف ماذا يريد؟ وهل بلغت حالة الانفصام عن الواقع في شخص الوزير السابق جبران باسيل إلى درجة دفعه فيها غروره لإرسال جماعته للاعتصام امام مصرف لبنان كما استفزاز جنبلاط؟ ألم يقدّر الأمور وما قد ينتج عن هذا الاستفزاز؟ وهل وصلت بنا الامور الى مرحلة لم نعد نستطيع فيها العمل في السياسة؟ ألم يدرك التيار بأن التخلي عن المنطق يمهّد الى الفوضى؟”.
واعتبرت المصادر القواتية أن “التيار يحاول اليوم ركوب الحراك؛ ولكن يللي استحوا ماتوا، وحمى الله لبنان”.
من جهتها، استغربت مصادر تيار المستقبل عبر “الأنباء” ما حصل في محيط منزل جنبلاط ورأت فيه “استفزازاً مدبرًا يندرج تحت عنوان التظاهر أمام مصرف لبنان فيما وجهتهم الحقيقية هي كليمنصو، ولكن خطتهم فشلت كالعادة”.
وأضافت مصادر “المستقبل”: “لو سلّمنا جدلاً أن رياض سلامة مسؤول عن التردي الاقتصادي وارتفاع أسعار الدولار، فلماذا تتم استشارته كل يوم من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة؟ ولماذا لا تتم محاكمته؟ واضح أن خطة باسيل تهدف إلى ما هو أبعد من الاعتصام أمام مصرف لبنان، فهو يريد ان يقول لمناصريه إنه قادر على الاعتصام في اي مكان في بيروت، لكن مش كل مرة بتسلم الجرة”.
بموازاة ذلك كشف عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله في اتصال مع “الأنباء” أن “باسيل يريد ركوب موجة الحراك بحجة التظاهر امام مصرف لبنان؛ وهذه تحصل للمرة الأولى في التاريخ أن تيارًا محسوبًا على الحكم يتظاهر ضده”، واصفاً ما جرى بأنه “نوع من الفولكلور السياسي تم بالتواطؤ مع جهات كبيرة”، مذكّراً أن حاكم مصرف لبنان الذي يتظاهرون ضده ويطالبون بإسقاطه “هو الذي وضع الهندسة المالية لسيدرس بنك وحصدوا منها ملايين الدولارات وكل ما جرى لا يعفيهم من المسؤولية بأن العهد فشل”.
وعن موقف جنبلاط بالطلب الى مناصريه عدم الانجرار الى الفتنة, لفت عبدالله الى انها “ليست المرة الاولى التي يستوعب فيها جنبلاط ما يحاك ضده ومحاولات البعض الى استدراجه الى فتنة، لكنهم خسئوا فالناس في مكان آخر ولم تعد تحفل بمخططاتهم التي تدل على فشل عهدهم، فالناس تبحث عن لقمة الخبز، وهم يبحثون عن إشكال لإلهاء الناس عن الذهاب إلى محور آخر”.
على صعيد آخر، وفي سياق لقاءات المسؤولين مع وفد صندوق النقد الدولي المتعلقة بدفع مستحقات اليوروبوند، لم تُفض الاتصالات التي أجراها الوفد إلى اتفاق واضح حول الموضوع، بالرغم من أن الاتجاه الرسمي يميل إلى عدم الدفع، فيما تطمينات وزير المال غازي وزني ورياض سلامة بحل قريب للأزمة لم توصل إلى أية نتيجة، في وقتٍ حافظ صرف الدولار على وتيرته التصاعدية وسط مخاوف من زيادة غلاء اسعار المواد الغذائية.