كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:
قبل ستّ سنوات، استُحدثت وحدة العزل في مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي لتُعتمد كـ«وحدة مركزية للحالات المُصابة أو المُشتبه في إصابتها بمرض يُهدّد بانتشارٍ وبائيّ».
كان ذلك نتيجة «ولادة» فيروس «إيبولا» في أفريقيا التي تضمّ عدداً كبيراً من المُغتربين اللبنانيين. وعلى الرغم من أنّ «إيبولا» لا يُعدّ من الأمراض الشديدة العدوى، إلّا أن تدابير احترازية قيل إنها «مُشدّدة»، قامت بها وزراة الصحة التي رفعت درجة «التأهب» إلى مستويات عالية.
الوحدة المذكورة هي عبارة عن غرفة عزل واحدة تتّسع لأربعة مرضى فقط. ومنذ عام 2014 حتى الآن، لم «يطرأ» عليها أي «تعديل» أو «تطوير» يليق بمكانتها «المركزية»، فيما شهد المُستشفى خلال السنوات الست الماضية إهمالاً مخيفاً أدّى إلى تدهوره حتى فاق عجزه المتراكم الـ120 مليار ليرة لبنانية.
ومن المُقرّر أن يعقد وزير الصحة العامّة حمد حسن، اليوم، مؤتمراً صحافياً مُشتركاً مع رئيس مجلس إدارة المُستشفى فراس الأبيض وبحضور الفريق الطبي والتمريضي المُختصّ لـلـ«إدلاء بالمعلومات المُتعلّقة بتسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في لبنان»، على أن تلي المؤتمر جولة ميدانية في أقسام العزل المُستحدثة الخالية من المرضى.
وعلمت «الأخبار» في هذا الصدد بأنّ إدارة المُستشفى كانت قد طلبت من الأطباء المُقيمين والممرضين والمُمرّضات «إخلاء» غرفهم وانتقالهم إلى طوابق أخرى، بهدف تخصيص الطابق الذي «يقطنون» فيه لاستقبال المُصابين بـ«كورونا».
وبمعزل عن «طبيعة» المعلومات والمُستجدّات التي سيتناولها المؤتمر، ثمّة نقاش أساسي يرتبط بجهوزية المُستشفى الذي يُعدّ «المرجع» الأساسي في الظروف الحالية وفي أي ظروف مماثلة مُرتقبة، على حدّ تعبير نقيب المُستشفيات الخاصّة سليمان هارون.
تقنياً، يقوم العزل على مبدأ نظام تهوئة يولّد ضغطاً سلبياً بشكل يسمح للهواء بالتدفّق إلى الغرفة من دون الخروج منها إلى غرف أخرى، وذلك لمنع «تبادل» الهواء المُلوّث من غرفةٍ إلى أُخرى. اللافت هو ما تُشير إليه مصادر المُستشفى لجهة تشكيكها في إمكانية تزويد الطابق المُستحدث بأنظمة تهوئة العزل المطلوبة، مُرجّحة أن تكون الغُرف «عادية» على أن تكون مستويات عزل المرضى «تقليدية» وتتمثل باتخاذ إجراءات احترازية للأشخاص المعرّضين للاحتكاك بالمرضى.
ولعلّ ما يُعزّز رواية المصادر هذه، هو واقع المُستشفى «المُصاب» بأزمات مالية مُزمنة منذ سنوات بسبب سياسات التهميش والإمعان في إهماله، إذ تسبق أزمة نقصان بعض المُستلزمات والأجهزة الطبية في «الحريري» عُمر الأزمة النقدية والمالية حتّى! «فكيف سيتم تأمين أنظمة تهوئة لغرف العزل فيما يعاني المُستشفى من نقصٍ في أدوات التعقيم وغيرها؟»، تسأل المصادر نفسها، والمطلوب من المعنيين اليوم تقديم إجابات واضحة وفعلية بشأنها.
ماذا عن خيار اللجوء إلى المُستشفيات الخاصة؟ بحسب هارون، فإنّه من الأفضل في هذه الظروف «حصر» الإصابات في مُستشفى واحد، «وخصوصاً أن المُستشفى الحكومي هو الوحيد الذي يوفّر فحص PCR ــــ tests الذي يُشخّص المرض»، لافتاً إلى أهمية «التنسيق طبعاً بين المُستشفيات».
اللافت أن غرف العزل «الفعلية» (أي تلك التي تعتمد على أنظمة تهوئة تولّد ضغطاً سلبياً) المتوفرة في المُستشفيات الخاصة لا تتعدى الغرفة أو الاثنتين في كل مُستشفى وهي ليست متوفّرة في كل المُستشفيات الخاصة.
ماذا لو تضاعفت أعداد المُصابين بشكل فاق قدرة المُستشفى الحكومي وبقية المُستشفيات الخاصة؟ « يتم عزل المرضى في غرف عادية»، يقول هارون.
في هذا الوقت، «يدبّ» الهلع بين موظفي المُستشفى والعاملين فيها، «وخصوصاً بسبب غياب الثقة بشفافية الإدارة المرتبطة بالالتزام بالإجراءات الاحترازية في ظلّ واقع مأزوم نتيجة تراكمات»، على حدّ تعبير أحد الموظفين الذين نقلوا إلى «الأخبار» خشيتهم من الإصابة بالفيروس، «حتى إننا نبحث حالياً في تغيير آلية تسجيل الدخول عبر البصمات لبدء الدوام، إذ يُعدّ جهاز التسجيل مكاناً خصباً لالتقاط الفيروس»، فيما يأمل زميل له أن تُستغلّ الظروف الراهنة للتذكير بأهمية المُستشفى الحكومي المنسيّ منذ سنوات.