كتبت إيلده الغصين في “الاخبار”:
لم يكتفِ الوزير السابق والمصرفي مروان خير الدين بتحييد نفسه عن اعتداء مرافقيه، «بمبادرة فرديّة» كما اعترفوا، على الزميل محمد زبيب الأسبوع الماضي. فهو لا شك في أنه سيحيّد نفسه أيضاً عن إرسال شخصين أمس، لإثارة البلبلة خلال مؤتمر صحافي عقده زبيب للكشف عن مصير التحقيقات، قبل أن يقوم من حضروا المؤتمر بطردهما.
اقتصرت التوقيفات في قضيّة الاعتداء على زبيب إلى حينه على ثلاثة مرافقين لخير الدين هم من ظهروا في إحدى كاميرات المراقبة في الحمرا، بينهم اثنان جرى تسليمهما بعد أن كانا تواريا في خلدة، فيما جرى ترك اثنين آخرين حُقِّق معهما لكنّهما لم يظهرا في تسجيلات كاميرا المراقبة.
خلال مؤتمر صحافي عقده في خيمة «الساحة للناس» في موقف اللعازرية (وسط بيروت) أمس، وضع زبيب التقدّم الذي أنجز في التحقيقات بشأن الاعتداء عليه ليل الأربعاء 12 الجاري، «كجزء من حركة الانتفاضة التي فرضت على قوى السلطة أن لا تتعامل مع هكذا اعتداءات بكثير من الإهمال والتجاهل كما تفعل عادة». وبشأن تغريدة نشرها أول من أمس، الوزير السابق ومدير عام ورئيس مجلس إدارة بنك «الموارد» خير الدين عن أنّه سلّم مرافقيه لفرع المعلومات فور تبلّغه من المراجع الأمنيّة معلومات عن الاعتداء، ردّ زبيب بالقول إن «هذا الكلام غير صحيح جملةً وتفصيلاً، إذ أنه لم يبادر طواعيّة لتسليم مرافقيه بل بذل جهوداً كثيرة ليُعفي نفسه وليضغط على القضاء والأمن لتحييده عن التحقيقات، في محاولة لتركيب مسرحية سنكشف لاحقاً عن ملابساتها».
عن ليلة الاعتداء (12 شباط) شرح زبيب «(أنني) كنت معرّضاً لعمليّات تعقّب ومتابعة لوقت طويل، حتى إن بعض المشاركين في الجريمة كانوا داخل المقهى (حيث عقدت الندوة) وتعقّبوني إلى موقف السيارات (حيث حصل الاعتداء). لذا قد يكون المشاركون أكثر من الموقوفين الثلاثة لدى فرع المعلومات». وأضاف: «حتى مساء اليوم التالي للاعتداء، جرى التعامل معه على أنه حادث عابر ولم يتّخذ مدعي عام التمييز أي إجراء إلاّ ليلاً، حيث وضع الملف في عهدته وأعطى إشارته لفرع المعلومات لاستلام التحقيق وقد قام الفرع بما يجب القيام به إذ توسّع في رصد الكاميرات أبعد من مسرح الجريمة». ومما تبيّن إلى حينه «فإن دراجة ناريّة وسيارة استُخدمتا في الاعتداء والسيارة يملكها خير الدين، كما أن الفيديو الذي بثّ عبر قناة «الجديد» عن تسجيل إحدى كاميرات المراقبة، فقد أظهر أن المعتدين الثلاثة أتوا من جهات مختلفة، ما يعني أنّ الحادث كان كميناً معدّاً له، ويعني أنّ من نفّذوا مختلفون عن الذين قاموا بالتعقّب، كما حاول المعتدون تفادي معظم كاميرات المراقبة».
بناءً على المعلومات المتوافرة، فإن المشتبه فيهم 5 أشخاص، حُقّق مع اثنين وجرى تركهما وجرى توقيف الثلاثة المتبقّين، لكن التوقيف حصل على مراحل إذ أوقف شخص واحد وتوارى اثنان. وبشأن اختباء اثنين من المعتدين الثلاثة، الموقوفين جميعاً لدى فرع المعلومات، في منزل النائب طلال إرسلان في خلدة، لفت زبيب إلى أنه «يمكن أنهما كانا في منزله أو في مربّع أمني للحزب الديمقراطي اللبناني. تفاصيل الاتصالات التي جرت للتسليم لا نعلمها إلى حينه، وقد تمّ التسليم من قبل مسؤول الأمن لدى إرسلان قبل يومين. وفي اليوم التالي لتسليم المشتبه فيهما، جرى الإفراج عن اثنين آخرين حُقّق معهما وتمّ الاكتفاء بتوقيف ثلاثة أشخاص هم الذين ظهروا في الكاميرا وقد اعترفوا مباشرة بفعلتهم بعد تسليمهم».
الموقوفون الثلاثة هم مرافقو خير الدين، وأحدهم هو مسؤول أمنه الشخصي وقد ادّعوا جميعاً أن مسؤول الأمن هو من خطّط ونفّذ العملية من دون طلب من أحد. وعليه أكّد زبيب «أننا لن نقبل أن تتوقف التحقيقات عند هذه الرواية، والمتّهم الرئيسي هو خير الدين الذي له سوابق أحدها الاعتداء على المخرج ربيع الأمين وهذا الاعتداء لم تجرِ متابعته، وأصابع الاتهام كانت موجّهة إلى خير الدين لأنّه كان ادّعى على الأمين وجرى التحقيق مع الأخير مرّتين بطريقة تدعو للاستنكار». وذكّر بالاتجاه إلى الادّعاء الشخصي المباشر ضد خير الدين، وطلب «استدعاءه كمتّهم رئيسي ولأنّه صاحب العمل والآمر ورئيس العصابة المعتدية»، محذّراً «من انحراف مسار التحقيقات لأن الانتفاضة قامت ضد الأوليغارشية التي يمثّلها خير الدين. وأي انحراف سيكون موجّهاً ضد الانتفاضة، وعليه لن نقبل بأن يفلتوا من العقاب لأنّ الشعب سيُعاقب».
الصحافي الياس خوري أدار المؤتمر الذي دعا إليه تجمّع مهنيّين ومهنيات وتجمّع نقابة الصحافة البديلة. وكانت مداخلة للمسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير جاد شحرور قال فيها: «إن المؤسسة رصدت أكثر من 120 انتهاكاً ضد صحافيين خلال الانتفاضة، بينها العنف والضرب والاستدعاءات، إضافة إلى أكثر من 70 عملية ضرب مباشر سواء من مناصري أحزاب أم من القوى الأمنية ويجب أن نرفض تكريس فهوم الإفلات من العقاب».