تبدو سوريا ساحة مفتوحة على التنافس الإقليمي والدولي، والغائب الأكبر هم السوريون الذين أطلقوا الثورة ضد نظام بشار الأسد في العام 2011.
وللولايات المتحدة جنود على الأرض السورية وسياسة تريد تطبيقها، لكنها في الأسابيع الأخيرة عبّرت عن مواقفها مما يحدث من باب الموقف الإنساني فقط.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغس عبر تغريدة لها “فيما تتساقط البراميل المتفجرة على الناس في إدلب، يعلن الأسد من دون الشعور بالخجل، أن رحلات الطيران عادت إلى مطار حلب”، ملمحة إلى أنه يتمّ استعمال المطار للهجمات العسكرية. وأضافت: “الشعب السوري لا يحلم بذلك، بل يعيش السوريون كابوس الموت والدمار”.
والتصريحات الرسمية الأميركية لا تتضمن أكثر من ذلك سوى اتصالات بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان. لكن واشنطن معنية بثلاثة أمور في سوريا، وهي الوضع الميداني، والتمدد الإيراني الروسي، ومصير نظام الأسد.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية “إننا نقف إلى جانب حليفتنا تركيا”، وأضاف أن الرئيس ترامب وفي اتصاله مع الرئيس التركي يوم السبت، “دعوة روسيا لوقف دعم هجمات نظام الأسد، داعيا إلى حلّ سياسي للنزاع السوري”.
وذكرت بعض المصادر غير الرسمية أن أنقره طلبت من الأميركيين توفير معلومات استطلاع لمواقع النظام والجيش الروسي، وتملك الولايات المتحدة هذه القدرات من خلال الأقمار الاصطناعية وطائرات الاستطلاع. وكان هدف تركيا الأساسي تطبيق خطة عسكرية تقوم على ضرب جنود النظام السوري وطائراته وتحاشي الطائرات الروسية، خصوصاً الجنود الروس المنتشرين في المنطقة. والاستعانة بالاستطلاعات الأميركية ستساعد الأتراك على تحاشي “خطأ” إصابة الروس.
إلا أن واشنطن رفضت هذه المطالب، خصوصاً أن تلبيتها ستدخل القوات الأميركية مباشرة في مواجهة روسيا، وتكتفي واشنطن مثل الأوروبيين بتقديم دعم لتركيا يساعد في أزمة النازحين، ويمنع الآلاف من هجرة غير شرعية إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، كما يمنع تسرّب الإرهابيين بين النازحين.
سياسياً، يرى الأميركيون ما يحدث بين تركيا وروسيا “فرصة رائعة” لتوجيه إهانة للرئيس التركي الذي خالف موقف واشنطن بالانخراط في “مسار أستانة” وتعامل مع إيران وروسيا للتوصل إلى تفاهمات في سوريا، فيما كانت الولايات المتحدة تحذّر الحليف التركي من التعامل مع أعداء واشنطن.
فبعد سنوات من الدعم العسكري واللوجستي، والقتال ضد داعش والقضاء على جيوبه شرق الفرات، لجأ الأكراد لنظام الأسد، وفتحوا أبوابهم للعلاقات مع روسيا بما فيها الثقافية والاجتماعية، حتى وصل الأميركيون إلى قناعة أساسها أنهم خسروا الأكراد والآن حان وقت البحث عن “رديف”.
وذكرت بعض المعلومات أن الأميركيين يريدون إقامة شبكة جديدة من التحالفات شرق الفرات، خصوصاً مع عشائر عربية سنّية تضمن لهم اتصالاً ونفوذاً في المنطقة على المدى البعيد.
من اللافت أن الأميركيين لا يتحدّثون عن خططهم الأمنية والعسكرية في سوريا، لكنهم ينظرون إلى أن الأشهر المقبلة ستحمل فرصة أفضل للتوصل إلى حلّ سياسي.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية “إن الأسد يسيطر على أقل من ثلثي الأراضي السورية، وليس لديه إمكانيات عملية للسيطرة على ما تبقّى”. وأضاف أن “مناطق عديدة يسيطر عليها النظام تكاد تثور عليه بسبب القمع وسوء الحكم”، مشيرا إلى أن “لا حلّ عسكريا للأزمة في سوريا، وأعمال روسيا والنظام الإيراني وحزب الله ونظام الأسد تمنع الحل السياسي بناء على القرار الدولي 2254”.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة “ستتابع القيام بكل ما في وسعها لمنع نظام الأسد من العودة إلى المجتمع الدولي أو الحصول على إعادة البناء الاقتصادي إلى أن يلتزم بكل بنود القرار الدولي 2254 بما في ذلك وقف إطلاق النار ويشمل إدلب”.