كتبت ميسم رزق في “الاخبار”:
مُستغرَباً كان تصريح الوزير عباس مرتضى عن «بدء التنقيب عن النفط». فلا هو الوزير المختصّ ولا المعني بإعلان هذا الخبر، عدا عن أن الموعد الذي تحدّث عنه «ليس صحيحاً».
مُنتصف الأسبوع الجاري، سيكون لبنان على موعد مع المباشرة في عملية الحفر والاستكشاف في البلوك رقم 4. كان من المُفترَض أن يُعلن وزير الطاقة هذا الخبر، وإذا به يأتي من صوب وزير الثقافة والزراعة عباس مُرتضى الذي صرّح يومَ أمس خلال استقباله وفوداً نقابية واختيارية وشعبية في منزله في تمنين التحتا بأن «الخميس المُقبِل هو موعد البدء بالتنقيب عن النفط».
تصريح غريب في مضمونه وتوقيته ومصدره، أثار العديد من الاستفهامات كونه أولاً: خرَج على لسان الوزير «غير المُختصّ»، وثانياً: بسبب «وجود ما يُشبه الاتفاق غير الرسمي على عدم التداول بمعلومات حول الموضوع، وخاصة أن وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني لم تكشف عن الموعد حينَ أعلنت في شهر كانون الثاني الماضي عن تأجيل طرأ على عملية الاستكشاف»، مكتفية بالقول «(إننا) في انتظار وصول الباخرة (Tungsten Explorer) التابعة لشركة (vantage drilling) الملتزمة بالتوجّه الى لبنان بعدَ الانتهاء من عملها في الخارج» (كان مقرراً البدء بالعملية في منتصف كانون الأول الماضي، وتم تأجيل الموعِد إلى منتصف كانون الثاني بسبب تأخر باخرة الحفر في مصر حيث كانت تعمل، قبل أن يتمّ التأجيل إلى الشهر الجاري). بينما قالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن «عدم الإعلان عن الموعد يعود إلى أسباب لوجستية وتقنية لها علاقة بمسار تتبعه الباخرة بعد خروجها من مصر وتوجّهها الى لبنان»، بالإضافة إلى «عوائق غير محسوبة يُمكن أن تطرأ وتعيق انطلاق عملها».
المصادر نفسها نفت معلومة الوزير مُرتضى، مؤكدّة أن «عملية الاستكشاف لا يُمكن أن تبدأ الخميس»، فالباخرة الآتية من مصر «تصل يوم الثلاثاء إلى لبنان، ومن المُفترض أنها قصدت قبرص للقيام ببعض أعمال الصيانة استمرت يومين، والحفر لا يُمكن أن يبدأ قبل بداية الأسوع المُقبل». وأضافت المصادِر إن «الباخرة لا تُباشِر عملها فور وصولها الى لبنان، بل هي بحاجة الى تحضيرات مُرتبطة بتحديد الموقع المناسب الذي سترسو فيه والمكان الذي ستبدأ منه الحفر، واستبدال المعدات التي استخدمتها حيث كانت بالمعدات التي ستستعملها في لبنان».
هذه المعلومات يتوقّع أن يُعلن عنها وزير الطاقة والمياه ريمون غجر في غضون يومين، تقول المصادِر ذاتها، مُبدية استغرابها من «تصرّف الوزير مُرتضى لجهة حديثه في ملفات لا تُعنى بها وزارته». وبحسب الخطّة التي سيتحدث عنها غجر «تحتاج عملية الاستشكاف في البلوك رقم 4 على بُعد 21 كيلومتراً من الساحل المُواجه لجبيل والبترون، الى ما يقارِب 55 الى 60 يوماً»، وبعدها يتسلّم تحالف الشركات (توتال وإيني ونوفاتيك) البيانات التي تكشف ما إذا كان هناك كميات تجارية من الغاز أو لا. لكن هذه النتائج ليست نهائية، إذ سيحتاج التحالف الى نحو شهرين إضافيين لإجراء الدراسات والتحاليل العلمية، لأن المسوحات الزلزالية تُعطي مؤشرات لكنها لا تقدم نتائج حتمية، بحسب المصادر التي تشير إلى أن الاحتمال الأكبر هو «ألا يظهر وجود كميات تجارية من الغاز.
فعملية الاستكشاف تكاد تُشبه البحث عن إبرة في كومة قش، والاحتمال العلمي للعثور على كميات تجارية لا يتجاوز الـ 25 في المئة». وتذكّر المصادر بتجارب سابقة، كما حصل مع قبرص التي حفرت نحو 9 آبار، ولم تصل الى نتائج إلا في ثلاث منها. ولفتت إلى أنه «في حال تبيّن خلوّ البئر من الكميات التجارية المطلوبة، قد لا تبدأ الباخرة فوراً بالحفر في بقعة أخرى من البلوك نفسه، نظراً إلى ارتباطها بجدول أعمال في عدد من دول المنطقة، لكن ذلك كله يتوقّف على النتائج التي تُعطي تصورّاً عمّا هو موجود في باطِن البحر، فإما أن تباشر فوراً بحفر بئر جديدة أو تذهب وتعود بعدَ فترة، لكن لا موعدِ محدداً لذلك».
وحاولت «الأخبار» الوقوف على رأي الوزير مرتضى، إلا أنه لم يجب على الاتصال به.