Site icon IMLebanon

الثنائي الشيعي يرفض التعاون مع صندوق النقد.. فهل البديل جاهز؟

أكد العالم كلّه استعداده لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته الاقتصادية القاتلة، إن هو بادر أولًا الى مساعدة نفسه. من الخليج الى واشنطن، مرورا بباريس وصندوق النقد الدولي، الموقف واحد: ضعوا خطة واضحة تحدّد ما تنوون القيام به لمعالجة الكارثة المالية – النقدية – المصرفية – المعيشية التي تتخبطون فيها، تلحظ الاجراءات والاصلاحات التي ستنفّذون في المرحلة المقبلة لوقف الانهيار، وسنلاقيكم بالدعم الذي تحتاجون للصمود، والعبور الى بر الامان. لكن حتى الساعة، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، الورقة الانقاذية هذه، غير موجودة. وحكومة “مواجهة التحديات” تُظهر- خاصة على لسان رئيسها حسان دياب- نوايا حسنة كثيرة، وتُبدي رغبة كبيرة بالعمل وبالتغيير، الا انها لم تتخط الاطار النظري بعد.. والحال، تضيف المصادر، ان النية وحدها لا تكفي ولا تُطعم خبزا (خاصة في زمن اضراب الافران!) والمطلوب وضع خريطة الطريق اللبنانية اليوم قبل الغد.. فهل هذا ممكن؟ المصادر تعرب عن خشيتها من ان يكون الامر صعبا، ذلك ان حكومة “اللون الواحد” يبدو انها منقسمة على نفسها ويملك كل فريق فيها، مقاربته الخاصة للأزمة وكيفية حلها… ففيما سارعت الحكومة الى الاستعانة بصندوق النقد الدولي غداة نيلها الثقة، ساعيةً الى “نصيحة” منه في شأن سندات اليوروبوند (لم يقدّمها الصندوق الذي اكتفى بالاستماع الى ما لدى المسؤولين اللبنانيين)، تنصّل حزب الله وحركة امل من الصندوق. وضخّ اعلامهما اليوم معلومات خلاصتها ان لا رغبة لديهما بالمضي قدما في التعاون معه، لأن ما سيطرحه قد يكون موجعا اقتصاديا من جهة، ويقوّض السيادة الوطنية، من جهة ثانية…

وفي انتظار كيفية انعكاس هذا الموقف على قرار الحكومة – التي يُعتبر “حزب الله عرّابها- من الصندوق، وما اذا كان سيعني عمليا طيَّ صفحةَ التنسيق والتواصل معه، تشير المصادر الى ان التخلي عن هذا الخيار يمكن ان يكون جيدا لو أن في الحكومة، اتفاقا على طريق الاصلاح وقرارا موحدا جامعا باقتحام مغاور الفساد. لكن للاسف، ثمة خلافات داخل البيت الوزاري الواحد، حول هذه القضايا ايضا. ففيما الكهرباء يجب ان تعطى الاولوية كونها أبزر مسببات العجز في الخزينة، تدور في الخفاء حرب ضروس بين القوى السياسية (التي شكّلت حكومة الاختصاصيين)، حول كيفية معالجة الازمة. فالتيار الوطني الحر يصر على خطته القائمة في شكل اساس على البواخر في المرحلة الانتقالية، فيما يرفض الرئيس نبيه بري ومعه الرئيس دياب هذه المقاربة ويصران على الانفتاح على شركات أجنبية فتبني معامل جديدة للطاقة. أما حزب الله، فلا يزال حتى الساعة يقف على الحياد ولم يحدد في اي خندق سيصطف، وقد وضعه حلفاؤه المتخاصمون في موقع المُحرَج! هذا كلّه يحصل في وقت لم يؤخذ بعد اي اجراء عملي بإزاحة من وُظّفوا في الدولة عشوائيا قبيل الانتخابات من مراكزهم، ولا بضبط الحدود والمرافق لمنع التهريب عبرها، وهي “ألفباء” الخطوات المطلوبة لوقف النزف في الخزينة…

هذا في المال. أما في السياسة، فتظهر حكومة دياب ايضا، “حكومات”. الاخير، يريد زيارة الخليج لاعادة مد الجسور المقطوعة بين دوله وبيروت، لإدراكه محورية الدور الذي تلعبه على الساحة اللبنانية ماليا وسياحيا واقتصاديا واستثماريا، بينما لا تُسعفه مواقف حزب الله وحلفائه في 8 آذار، الذاهبة الى أبعد الحدود في الدفاع عن ايران (وآخرها، عدم تحبيذه وقف الملاحة الجوية بين طهران وبيروت لمكافحة كورونا)، وفي خرق النأي بالنفس، في مهمّته “التوفيقية” هذه… وبعد، وفي حال رفضت الحكومة صندوق النقد و”وصفاته الجاهزة”، ولم تتكمن في المقابل من رأب الصدع في صفوفها ووضع مشروع انقاذي موحد، فإن هذه “الوصفة” قاتلة ونتيجتها معروفة وستظهر على الارجح قبل انقضاء فترة سماح الـ100 يوم.