Site icon IMLebanon

فرنسا لا ترى بديلاً عن “إعادة الجدولة”

كتبت رندة تقي الدين في صحيفة نداء الوطن:

كشفت مصادر فرنسية متابعة للملف اللبناني لـ”نداء الوطن” أنّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان سيستقبل نظيره اللبناني ناصيف حتّي نهاية الشهر الجاري في باريس، ربما في 28شباط، في خطوة لافتة لا سيما وأنّ لودريان لم يسبق له أن قابل وزير الخارجية السابق جبران باسيل في الخارجية الفرنسية “بسبب جدول أعماله وأيضاً لعدم وجود حماسة لاستقبال باسيل” حسب مصادر فرنسية عديدة في باريس.

وبينما أكد حتّي للجانب الفرنسي أنه سيلتزم سياسة النأي بالنفس بالنسبة للسياسة الخارجية للبنان، تشدد باريس على أنه إذا التزم فعلاً بذلك فسينال تأييدها، ولكن يبقى أنّ هناك تشكيكاً في ما إذا كان سيُسمح لوزير الخارجية اللبناني الجديد أن يطبّق “النأي بالنفس” خصوصاً في ما يتعلق بسياسة لبنان تجاه إيران وسوريا، إذ إنّ المصادر الفرنسية تذكر جيداً أنّ لبنان إبان وجود باسيل في وزارة الخارجية لم يُدن الضربة الايرانية على منشآت آرامكو في المملكة العربية السعودية، وتترقب كيف سيتصرّف حتّي إذا حصل حدث جديد من هذا النوع، علماً أنّ معلومات الأوساط الفرنسية تشير إلى أنّ دول الخليج لم توجّه أي دعوة لا لرئيس الحكومة اللبناني حسان دياب ولا لوزير خارجيته حتى الآن، وهذه مشكلة في نظر باريس.

وبشأن ما قاله وزير المالية الفرنسي برونو لومير على هامش اجتماعات مجموعة الـ20 في الرياض من أنّ فرنسا مستعدة لمساعدة لبنان، فتلفت المصادر الانتباه إلى أنه “الكلام نفسه الذي كان قد أكده الرئيس إيمانويل ماكرون للرئيس اللبناني ميشال عون بحيث أنه ينبغي أن يفهم اللبنانيون أنّ المساعدة مشروطة بالإصلاحات ولا يوجد أي “شيك على بياض” من أحد”. وأضافت المصادر: “على الحكومة اللبنانية أن تسرع في الإصلاحات لأنها كلما انتظرت وتأخرت في اتخاذ قرارات الإصلاح كلما سيكون من الأصعب عليها تنفيذ الإصلاحات الضرورية، خصوصاً وأنّ حكومة دياب لا تزال تثير تساؤلات وهناك معارضات محتملة لها وبالتالي سيكون أمامها المزيد من التعقيدات التي ينبغي التعامل معها”، وتابعت: “رغم أنّ هناك جزءاً مما أعلنت عنه يصبّ في الاتجاه الصحيح بانتظار ما ستحققه من نتائج عملية لما تضمنه البيان الوزاري، لكن يبقى أنّ خطة إصلاح الكهرباء ليست جيدة وخفض الانفاق غير كاف”.

 

وفي حين تشيد باريس بالتطور المتمثل بتقدّم الحديث عن التعامل مع صندوق النقد الدولي وتعتبره “عاملاً إيجابياً من المنظور الفرنسي”، تشير المصادر إلى وجود “علامات استفهام عديدة بينما الوضع على الأرض يتدهور ويزداد خطورة”. وعلى الصعيد المالي تفيد معلومات المصادر بأنّ “حكومة دياب تتجه الى إعادة جدولة الديون، فالاستشارات جارية والحكومة هي قيد تكليف القانوني والاقتصادي اللذين سيساعدانها على إعادة جدولة الدين المفترض تسديده في 9 مارس آذار وفي نيسان وحزيران”، وتضيف: “لم يكن للحكومة خيار آخر، فالتخوف كان أن يُطلب من المصارف تسديد هذا الدين بدلاً من الدولة لأنّ مثل هذا الحل سيعتبر حلاً سيئاً وهو كان أحد الخيارات الذي تحدث عنها وزير المالية، أما الآن فالمعلومات تفيد بأنّ التوجه هو نحو إعادة هيكلة الدين بشكلها الكلاسيكي، وهذا يتم بين لبنان والمؤسسات الدائنة، وتكليف مستشار قانوني لدرس العقود بين لبنان والدائنين، والمستشار الاقتصادي لتقييم كيفية القيام بذلك، وهذا المسار مختلف كلياً عن العمل مع صندوق النقد الدولي الذي يأتي بتمويل للبلد مقابل خطة إصلاحية”، مشيرةً في هذا المجال إلى أنّ “العمل مع صندوق النقد هو خطة شاملة بينما إعادة هيكلة الدين تؤجل إنفاق الأموال”.

وختمت المصادر بأنه “قبل 9آذار من المتوقع أن تعلن الحكومة اللبنانية أنها ستعيد هيكلة الدين ويتم التفاوض على الجدولة مع الدائنين لمعرفة شروط إعادة جدولتها وبرنامجها”. إذاً بحسب المعلومات لن يكون هناك سداد في موعد استحقاق 9 آذار ولا في 14نيسان ولا في حزيران، وأشارت المصادر إلى أنّ إحدى المؤسسات الدائنة هي “آشمور”، الصندوق البريطاني الذي اشترى سندات الدين التي باعها بعض المصارف اللبنانية، وهو حصل على نسبة 25في المئة من استحقاقات الدين اللبناني، في حين أنّ معلومات المصادر نفسها تؤكد أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامه غير متشجّع لمثل هذه الخطوة ولكن الحكومة اللبنانية في نهاية المطاف هي التي تتخذ القرار، وترى المصادر أنّ موقف الحاكم مبرّر من أنّ المصرف المركزي سيكون على المحك مع الدائنين في حال إعادة جدولة الدين، ولكن لا يمكن للمصرف المركزي أن يؤمن رواتب موظفي الدولة وتمويل السلع الأساسية وتأمين سيولة البنوك.