في الآونة الأخيرة كثف محافظ بيروت زياد شبيب تعاميمه إلى الإدارة في بلدية بيروت والتي يطلب من خلالها ردّ مجموعة ملفات، كانت قد أحيلت إليه قبل فترات طويلة ولم ينظر فيها، وإعادة تحويلها بتواريخ جديدة أو حفظها. ويأتي هذا الإجراء في ضوء معلومات تحدّثت عن خطوات إتخذها التفتيش المركزي مؤخراً للسؤال عن هذه الملفات في المصالح والإدارة الخاضعة للمحافظ، كون صلاحيات رئيس بلدية بيروت يملكها فقط المحافظ خلافاً لكلّ المحافظات الأخرى.
سلوك مختلف للمحافظ
وهذا ليس الإجراء الأول الذي يلفت مراقبين لأداء المحافظ منذ تشكيل الحكومة الجديدة، ولم يكن آخرها الموافقة على إعادة ترميم فندق السان جورج بعدما كان أرجأ البت به طوال السنوات الماضية رغم وضعه القانوني. يلمس المحيطون بالقاضي شبيب سلوكاً مختلفاً في تعاطيه مع الملفات، معيدين الأمر إلى أن شبيب الذي كان يتصرّف على أساس وحدة الحال بينه وبين وزارة الوصاية أي وزارة الداخلية، يتعامل بحذر في التعاطي مع الوزير الجديد الذي لم يحدّد موعداً للقائه بعد رغم طلبه الموعد مرات عدة. علماً أن مستشار وزير الداخلية الحالي العقيد محمد الشيخ سبق وخدم لفترة ثمانية أشهر كقائد لحرس فوج الإطفاء وخرج مستاء من آلية العمل، رغم كونه الوحيد الذي تمكن من تأمين قرض الاسكان العسكري بفوائد منخفضة لفوجي الاطفاء والحرس.
ومن الأسباب الإضافية لهذا التغيّر في السلوك أن شبيب يحاول ترتيب أموره قبيل انتهاء ولايته، أو التمهيد لتجديد مهامه مجددًا. ففي شهر نيسان المقبل تنتهي ولاية المحافظ المعين من قبل مجلس الوزراء كقاضٍ على رأس محافظة بيروت. ست سنوات أمضاها شبيب “رئيساً لجمهورية بيروت” وفق ما يحلو توصيفه لكثيرين نظراً لصلاحياته الواسعة التي تطال عمل مجلس بلدية بيروت ما ولّد نزاعاً بينهما، وسمح بتسجيل الكثير من الملاحظات على أدائه الذي يصل بحسب المراقبين إلى “مخالفات متعددة للقانون”.
من الأمثلة التي تقدّم في هذا الإطار ملف الترقيات. ففي الشهر الأول من السنة أرسل شبيب كتاباً إلى وزارة التربية يطلب بموجبه الموافقة على استخدام ثانوية زهية سلمان الرسمية في وطى المصيطبة لإجراء امتحانات خطية لترقية رتباء في فوج حرس مدينة بيروت، على أن يصار إلى التنسيق المسبق مع إدارة هذه الثانوية لتحديد اليوم المناسب وتنفيذ المطلوب، وهذا سلوك جديد يقوم به المحافظ، إذ أن الامتحانات سبق وأجريت في الملعب البلدي، ثم في القصر البلدي، في حين يبادر اليوم إلى إجرائها في مكان محايد التزاماً بالقانون. المفارقة الثانية أنه سبق الكتاب تعميم بتعيين اللجنة الفاحصة، والتي لحظت وللمرة الأولى حضور مندوب عن وزارة الداخلية بعدما كان مغيّباً في السابق، فيما لم يلحظ وجود مندوب عن مجلس الخدمة المدنية كما يفترض طبقاً للقانون.
وفيما لم يحدّد لغاية اليوم موعد الامتحانات، ثمة خشية من غلبة المحاسيب السياسية والطائفية على هذه الامتحانات بناء على تجارب سابقة لا تزال ندوبها واضحة داخل صفوف الموظفين وفي قطاعات مختلفة، ويكمن خوف البعض اليوم من ان يتم في المبارايات المزمع اجراؤها، اختيار عدد من محدود من المتبارين لا يتجاوز الاربعين عنصراً من أصل 200 عنصر يفترض ان يصار الى ترقيتهم الى رتبة مراقب.
ومع مجيء وزير جديد يأمل الكثيرون في تصحيح الخلل الحاصل في فوج حرس بيروت، وإعادة النظر بجميع الترقيات والمناقلات والعقوبات التي فرضت من غير مسوّغ قانوني في عهد المحافظ الحالي، والاموال التي صرفت وعودة الرقابة الجدية لرئاسة الحكومة ومجلس الخدمة المدنية في ما يتعلق بالمناقلات والعقوبات والمجلس البلدي ووزارة الداخلية . يقول أحد المسؤولين السابقين في البلدية أن كلّ الترقيات التي علّقها الضباط جاءت مخالفة للقانون.
ملف الترقيات
يستذكر موظفون ملف الترقيات في فوجي الإطفاء والحرس في بلدية بيروت والذي عاد الى التفاعل مجدداً، المباراة التي سبق وأجريت في العامين الماضيين لموظفي الفوجين و”لم تكن منصفة ولم تجر وفقاً للقانون”. كثيرة هي المخالفات التي لا تزال تتردد روايتها على لسان الموظفين في المجلس البلدي وإحداها يتعلق بالمتباري ف. ب. “الذي لم يحالفه الحظ آنذاك وتقدم بشكوى مع مجموعة من المتضررين امام مجلس شورى الدولة مما حدا بالمحافظ الى نقله إلى الادارة ثم الى دائرة العلاقات العامة في مكتبه، بشكل مخالف للقانون كونه موظفاً متطوعاً في فوج الإطفاء في حين أن النقل داخل الإدارة يتمّ من مصلحة الى مصلحة ويتطلب موافقة مجلس الخدمة المدنية”. كذلك تم”تجاوز حدود السلطة لناحية الترقية من رقيب إلى ملازم مباشرة من دون أن يكون من تمت ترقيته برتبة وكيل أو وكيل اول، لأن هذه الرتبة لم تعد موجودة الا في قانون نظام الحرس العام”.
وقبل نحو أربع سنوات عُيّن عدد من العناصر المتقاعدة من الجيش والأمن العام وأمن الدولة وكلاء أُوَل، وباتوا يتقاضون راتبين بخلاف ما ينص عليه نظام قانون الحرس، أي أن يتقاضوا الفارق بين الراتب التقاعدي والراتب الجديد.
وكان العميد المتقاعد علي شحرور وجه برقية الى المحافظ يعلمه “بالشغور الكبير في ملاك فوج حرس مدينة بيروت وبغية تفعيل عمله… اقترح تأليف لجنة لدراسة ترقيات استثائية الى رتبة مراقب ومراقب أول ووكيل “، غير ان شبيب جمد البرقية، ليطلب لاحقاً من خليفة شحرور الرائد كمال كريدية إجراء مباريات، لكنه جمد النتائج ولم يعلن عنها، مكتفياً بنشر أسماء الناجحين من دون العلامات خلافاً للقانون.
وكانت الترقيات صدرت في الشهر السادس من العام 2019 ما الحق الضرر المعنوي والمادي بالذين لم ينالوا الترقيات، ولو كانت تمت ترقيتهم بتاريخ 31/12 2018 او في الاول من الشهر الاول 2019 لكانت الترقية الحقت بعناصر ما سمي بدورة 300 خصوصاً وان عناصر دورة 250 كانوا حتى هذا التاريخ برتبة حارس أول، ولا يحق لهم الترقية لرتبة مراقب.
مخالفات بالجملة
كثيرة هي المخالفات التي يتحدث عنها المتضررون ومنها أن رقيباً في الإطفائية، هو مرافق المحافظ، رقّي العام الماضي مباشرة الى رتبة ضابط من دون أن يتدرج في سنوات الخدمة في فوج الحرس، ونجح آخر برتبة مفوض من دون أن يكون مستوفياً للشروط حتى من الناحية البدنية، مع العلم أن المراقبين الاول (وهي رتبة من ضمن ملاك فوج حرس بيروت) لم يمر عليهم 4 سنوات في الخدمة بينما النقص هو في رتبتي وكيل ووكيل أول. والمطلوب أن يرقيه لوكيل ثم الى وكيل أول ثم مفوض وليس مباشرة إلى مفوض.
تعداد لا ينتهي، لا يهدف منه المتضررون الى إلحاق الأذى بمن تمت ترقيتهم بقدر ما المطلوب ان تجرى أي امتحانات مقبلة بناء على القانون ورفع المظلومية عمن حرموا حقهم بالترقية رغم مرور ما يزيد على عشر سنوات لوجودهم في الخدمة