IMLebanon

قمّة “الدول المنهارة”… يا متلنا تعا لعنّا!

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

ستكون نيقوسيا نهاية شهر آذار المقبل على موعد مع اجتماع للدول الثلاث، لبنان واليونان وقبرص، وذلك للبحث في الملفات ذات الإهتمام المشترك.

ليس غريباً على لبنان أن يعقد اجتماعات ثنائية وثلاثية مع الدول المجاورة ودول حوض المتوسّط، إذ كانت هذه العلاقات عامل استقرار وتطوّر وازدهار، وشكّلت بيروت مركز استقطاب لكل عواصم العالم، وكانت عاصمة المؤتمرات والأحداث المهمّة.

ومنذ سنوات، وفي وقت كانت التحذيرات على أشدّها من تفاقم الأوضاع الإقتصادية بسبب السياسات المالية والفراغ السياسي، كانت اليونان تمرّ بأقسى أزمة إقتصادية، ووضع قبرص كان صعباً جداً، ودارت الأيام دورتها، ودخل لبنان نقطة اللاعودة وبدأ يعيش سيناريو إقتصادياً قد يكون أصعب من سيناريو اليونان وقبرص. وعلى رغم كل ما يحصل، فإنّ لبنان بإمكانه الإستفادة من خبرة اليونان وقبرص في طريقة خروجهما من أزمتهما، وستشكّل القمة الثلاثية اللبنانية – القبرصية – اليونانية التي ستعقد في نيقوسيا في 31 آذار المقبل مناسبةً لطرح كل المواضيع الشائكة، في وقت عقد أمس لقاء تحضيري في قصر بعبدا ضم عدداً من المديرين العامين للوزارات المعنية بالقمة، إضافة الى ممثلين عن الجيش اللبناني والقوى الأمنية.

لا شكّ أن أوضاع اليونان وقبرص ليست جيدة، وهما يناضلان من أجل الخروج من الأزمة الإقتصاديّة، إلا أن أمام لبنان فرصة للتعلّم من هذه التجارب وعدم الوقوع في المحظور وإنقاذ ما يمكن إنقاذه على رغم صعوبة الأوضاع اللبنانية، ومن المنتظر أن يشكّل التعاون الإقتصادي بين الدول الثلاث مادّة أساسية في قمّة نيقوسيا، خصوصاً أن البلدان الثلاثة تملك مقومات سياحية كبيرة، وذلك لموقعها الجغرافي والآثارات الموجودة بشكل كبير خصوصاً في لبنان واليونان.

أما الموضوع الأبرز والذي يشكّل هاجس لبنان، فهو حدوده البحرية، إذ إن للبنان حدوداً مشتركة مع قبرص، في حين أن نزاعه مع إسرائيل على الحدود البحرية الجنوبية لم ينته بعد، وبالتالي، فإن لبنان المُقبل على التنقيب عن الغاز والنفط في مياهه الإقليمية يحتاج إلى موقف مساند من قمّة نيقوسيا المرتقبة لضمان سيادته على مياهه الإقليمية واستخراجه للنفط والغاز بطريقة عادية من دون مشاكل، والأهم من هذا كلّه تسويق المنتج اللبناني بعد استخراجه، وعدم خلق عوائق في درب هذه العملية التي يُعتبر لبنان بأمسّ الحاجة إليها.

وتريد الدول الثلاث تحقيق التعاون ليس في مجال النفط والسياحة فحسب، إنما في المجالات كافة، حيث أن التعاون بين الدول المجاورة سيأتي بنتائج إيجابيّة، وقد ترفع من وتيرة التعاون الإقتصادي الأزمات الإقتصادية التي تمرّ بها البلدان الثلاثة، وبالتالي فإن جدول أعمال القمة سيركّز على هذه النقطة المحوريّة.

ولن يغيب الهمّ الأمني عن القمة، علماً أن ملفي الإرهاب والنازحين ما زالا حاضرين بقوّة على الساحة الشرق – أوسطية خصوصاً أن أي خضّة في لبنان ستضع كل دول الجوار أمام مرمى النازحين وستهددهم بالدرجة الأولى، كما أن تفشي الإرهاب مجدداً لن يرحم احداً، لذلك من المقرر أن تشمل القمة التطرق للمجال الأمني والإستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ستتطرق قمة نيقوسيا إلى مواضيع كثيرة، خصوصاً التصدي لحالات الطوارئ ومكافحة الحرائق، فقد استعان لبنان بطائرات من قبرص واليونان بعد كارثة الحرائق التي اجتاحت لبنان في تشرين الأول الماضي، ولولا النجدة القبرصية واليونانية لكان وقع الحرائق أكبر.

وقف الإتحاد الأوروبي إلى جانب اليونان في أزمتها وبدأ خطة إنقاذ جديّة، وفي لبنان تستمرّ المكابرة من القوى التي أوصلت البلاد إلى العزلة الدولية والإنهيار، وبالتالي فإن كل القمم لن تفيد بشيء إن لم تعد الدولة إلى حضن الدولة وتتحرّر من حكم الدويلة، التي تعمل لمصلحة الدولة الإقليمية التي تدعمها ولا تهمها مصالح الشعب اللبناني.