IMLebanon

البطالة تُفرّق بين زوجين… والأزمة الاقتصادية تفرض نمطاً جديداً للعيش بكرامة

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

لم يجد اللبناني ابراهيم حلاً للضائقة الاقتصادية التي يعيشها سوى ترك منزله في مدينة صيدا الذي استأجره منذ سنوات، عندما قرر “الارتباط” بشريكة حياته، ضاقت به سبل الحياة مثله مثل آلاف العمال الذين وجدوا انفسهم عاطلين من العمل بين ليلة وضحاها مع انهيار الوضع الاقتصادي، الذي فجر “ثورة الغضب” في 17 تشرين الاول وما زالت مستمرة، وبات غير قادر على دفع ايجاره بعدما تراجع عمله الشهري في ورشة للنجارة وأصبح مياوماً، بالكاد يكفي قوت اليوم.

ابراهيم، قرر أن يعود الى منزل والديه مجدداً، ويرسل زوجته وطفله الوحيد الى منزل والديها أيضاً، بانتظار “الفرج القريب”، وقد أوضح لـ “نداء الوطن”، انه باع اثاث منزله بالكامل من أجل ان يقتات من ثمنه، ريثما يعود الى عمله مجدداً”، مضيفاً ان “الحراك الاحتجاجي يجب أن يتواصل من أجل التغيير والاصلاح، لقد ضاقت الناس ذرعاً من الغلاء والجوع وارتفاع الاسعار، ولا مفر من الصمود والصبر”.

في خضم الأزمة الاقتصادية المستفحلة، تحولت حياة الناس في المدينة الى صراع من أجل تأمين لقمة عيش كريمة، والبقاء بعيداً عن ذل السؤال، وكل شخص ابتكر اسلوباً جديداً لنمط تقشفه، البعض صرف ما لديه من مدخرات قليلة، والبعض الآخر لجأ الى الدين كخيار أخير لا مفر منه، والثالث الى اعتماد “عصر النفقات” حتى الاختناق على قاعدة “الضروريات القصوى لا الكماليات”، والرابع الى بيع جانب من اثاث المنزل، او حلى زوجته او حتى سيارته ليعيش بكرامة.

في أحياء صيدا وحاراتها القديمة وامتداداً الى “التعمير” و”الفيلات”، حيث تعيش الطبقات الأكثر فقراً وعوزاً، يتناقل الاهالي حكايات وكأنها من نسج الخيال، هذا دفعه الفقر الى طلاق زوجته، وذلك بات بحالة نفسية لا تخلو من اليأس والاحباط، لم يتأخروا في المشاركة في التحركات الاحتجاجية لتنفيس الغضب، تحولت “ساحة الثورة” عند “تقاطع ايليا” الى منبر مفتوح، منهم من وصل صوته وشكواه وبعضهم ما زال مخنوقاً وسط صمت وذهول.

“يا دولة جوعتينا.. ونتحمل ما عاد فينا”، تحت هذا الشعار قرر “حراك طلاب صيدا” تنظيم تظاهرة شعبية ضد الغلاء، الخامسة من عصر يوم الجمعة، حيث تنطلق من “ساحة الثورة” عند “ايليا”، مروراً بأحياء المدينة وسوقها التجاري وصولاً الى “خان الافرنج”، بهدف رفع الصوت عالياً عن مدى المعاناة التي لم تعد تطاق”.

إجراءات الكورونا

في مقابل البطالة والفقر، يحضر القلق من انتشار فيروس “الكورونا” هماً اضافياً في حياة الصيداويين اليومية، تتحول المدينة بهيئاتها الرسمية والصحية والتربوية الى “خلية نحل” لمنعه من الدخول اليها، فيما تخوض بعض الجامعات والمدارس والمراكز العامة، تحدياً جديداً في صلاة الجمعة، ما دفع مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان الى تعميم كتاب الى الائمة لنشر الوعي واتخاذ الاجراءات الوقائية.

اما في بلدية صيدا، فإن “اللقاء الطارئ” الذي دعت اليه البلدية، جاء ليحاكي قلق الناس، ويرشدهم الى سبل الوقاية من مخاطر فيروس “الكورونا”، وأهميته تكمن في استضافة اخصائيين من جهة، وممثلي المجتمع المدني والهيئات الكشفية والتربوية والصحية من جهة ثانية، تتكامل جهودهم من اجل تهدئة روعهم حول هذا الفيروس الذي يتحول تدريجاً الى “وباء عالمي”.

وأوضح رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لـ “نداء الوطن”، أننا نواكب عن كثب التطورات الصحية وما يتعلق منها بفيروس “الكورونا”، من أجل تخطي مخاطره، عبر نشر التوعية واتخاذ الاجراءات الوقائية، مشدداً على اهمية تعاون الجميع في هذه المرحلة من اجل نشر الطمأنينة بين الناس.

بينما أكد عضو “اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية والإختصاصي في الأمراض الجرثومية”، الدكتور عبد الرحمن البزري، بأن “لبنان ليس بلداً موبوءاً بالفيروس، لان الحالة الوحيدة المصابة كانت قادمة من الخارج، ويصح إطلاق صفة “البلد الموبوء” عندما يتكاثر الفيروس محلياً وداخلياً بين الناس وليس أن يكون مستورداً، وهذا لا ينطبق على لبنان”.

وخلص اللقاء الى جملة توصيات شددت على أهمية التوعية من هذا الفيروس واعتماد ثقافة النظافة وتجنب المصافحة وعلى أهمية دور بلدية صيدا في التدخل عند حالات العزل الطوعي في المنازل عند الطلب (في حال ازدياد أعداد هذه الحالات) بأن تقوم بمساعدة المواطنين وتأمين احتياجاتهم والتواصل معهم أيضاً وفقاً للأسس الصحية.

تعميم الفتوى

في المقابل، عممت دار الافتاء الاسلامية سلسلة اجراءات لحماية المصلين في المساجد وتحديداً يوم الجمعة، وذلك بعد ازدياد الشكاوى من بعض المصلين الذين يدخلون المساجد ويقومون بالسعال والعطس خاصة اثناء السجود على الارض، ومنهم من يمسك الابواب من دون تنظيف يديه، ما يجعل خطر نقل العدوى احتمالاً قائماً في حال وجوده.

واوضح مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، “اننا توجهنا بكتاب الى أئمة المساجد لنشر الوعي بين المصلين لكيفية الوقاية من هذا “الفيروس” والتمني على المصلين الذين تبدو عليهم عوارض مرض الزكام والرشح توخي الحذر والوقاية، والجلوس بعيداً عن المصلين، وقد اتصلت برئيس البلدية السعودي طالباً منه المساعدة في تعقيم ساحات المساجد ورش المواد المطهرة”.