كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
تسابق حكومة حسّان دياب الوقت. عقارب الساعة عدوّها الأول. الانهيار المالي، يأتي في المرتبة الثانية. ولذا، تحاول استثمار كل لحظة متاحة أمامها قبل مواجهة الانفجار الكبير.
تنشغل السراي الحكومي بالهم الاقتصادي – المالي. لا أولوية غير تلك الأولوية. كل التركيز على الخطة الشاملة التي ستتحصن بها الحكومة كدرع حام أمام التسونامي الشعبي والضغط الخارجي. ولذا لا بدّ من التدقيق بها كثيراً قبل اخراجها للعلن. ولذا يسود الاعتقاد أنّ هذه الخطة ستكون أولى باكورة الانتاج الحكومي.
تقليدياً، كانت الحكومات توضع على “ميزان المعاينة” في استحقاق مئويتها الأولى، أي بعد مرور مئة يوم على نيلها الثقة، فتكرم أو تهان. أمّا سقوطها في مجلس النواب، فذلك ترف لم يعط لأي برلمان. حكومة حسان دياب قد لا تتاح لها فرصة الصمود حتى الاحتفال بالشمعة المئة. قد تُرمى على مجهر الاختبار خلال شهر واحد من انطلاق صفارة عملها. وقد يطيح بها الطوفان قبل مرور ثلاثة أشهر على ولادتها اذا ما عجزت عن تطويق مفاعيله.
يوم الحادي عشر من شباط الماضي، نالت الحكومة ثقة 63 نائباً في جلسة “اكسبرس” حاصرتها حناجر المحتجين الغاضبين. ويفترض بالتالي أن يكون موعد اختبارها الأول خلال خمسة عشر يوماً.
لماذا؟
يقول بعض الديبلوماسيين ممن يواكبون حركة الاتصالات الدولية مع الحكومة اللبنانية، وتحديداً الأوروبية منها، إنّ الأنظار مركزة على سلوك الحكومة منذ ولادتها، وهي لا تملك امتياز ارتكاب أي خطأ حيث يفترض أن تكون كل خطواتها محسوبة ومدروسة بدقة، مشيرين إلى أنّ دول القرار تمنح الحكومة فرصة محدودة جداً لتظهر أنّها جدية في أدائها، ويفترض بالشهر الأول من عمرها أن يكون فاصلاً بين المرحلتين: إما تنجح في اثبات حسن قدرتها على وضع خطة اقتصادية اصلاحية تكون بمثابة خشبة خلاصها، وإما تغرق في الفوضى.
ويشير الديبلوماسيون إلى أنّ أكثر من جهة أوروبية، ومنها الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، وايطاليا بشكل خاص، تتواصل مع الحكومة اللبنانية على نحو ايجابي، بمعنى أنّ هذه العواصم لا تقفل الباب أمام سيناريو مساعدة الحكومة اللبنانية لكنها تضعها على طاولة الاختبار الجدي، وهي ترصد سلوكها بانتظار الاجراءات الاصلاحية التي يطالب بها المجتمع الدولي منذ أشهر. يضيف هؤلاء أنّ الدول الأوروبية لا تضع شروطاً محددة على الحكومة اللبنانية لكنها تربط أي مشاريع دعم بمدى جدية السلطة اللبنانية في وضع برنامج اصلاحي من شأنه وقف النزيف. ولذا فإنّ الحكومة أمام اختبار الثلاثين يوماً لتثبت مدى جديتها في هذا الشأن.
ويؤكدون أنّ الحكومة اللبنانية تعي جيداً التحديات الاصلاحية الواجب عليها تجاوزها لكي لا تفشل في امتحانها. أما أبرز تلك التحديات، فهي: اقرار سلّة قوانين اصلاحية، تصحيح الموازنة العامة في ما خصّ العجز في المالية العامة، التعاون مع الدول الأوروبية في ما خصّ مسألة النازحين، وقف العجز في قطاع الكهرباء، ووضع ملف النفط على سكّته وإعادة فتح باب التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية. ويلفتون إلى أنّه من الطبيعي أن لا تنكب الحكومة على معالجة كل هذه الملفات دفعة واحدة ولكن المطلوب ابداء جدية في دراستها والعمل على تصحيح مسارها.
ويشيرون إلى أنّه، حتى الآن، تميل بعض الدول الأوروبية إلى التعامل بجدية، ولكن الحكم المبدئي سيصدر خلال أيام قليلة ينتظر خلاله أن تعمد الحكومة الى اتخاذ سلسلة اجراءات، تبرز مدى قدرتها على ولوج معمودية نار الاصلاح، مشيرين إلى أنّه في حال عبرت الحكومة اختبارها بسلام، فقد تطرق مشاريع الدعم الأبواب اللبنانية خلال أشهر قليلة، مع العلم أنّ العواصم الأوروبية المتحمسة لإعادة الاستقرار الاقتصادي إلى لبنان، لم تحدد بعد حجم الدعم الذي ستقدمه ولا حتى رزنامته الزمنية.
الأهم من ذلك كله، يرى هؤلاء الديبلوماسيون أنّ الحركة الأوروبية تجاه لبنان، ليست بعيدة من أنظار الادارة الأميركية التي لا تزال تستخدم سياسة العصا مع لبنان، وتحديداً مع “حزب الله” بدليل صدور رزمة جديدة من العقوبات المالية بحق شخصيات وكيانات على علاقة بـ”حزب الله” تمّ ادراجها على قائمة “الارهاب”، لكنها في المقابل تغضّ الطرف عن قنوات الاتصال بين لبنان والعواصم الأوروبية والتي من شأنها أن تثمر تفاهماً قد يطوق الانهيار الذي صار على الأبواب.
ويؤكدون أنّ المسعى الأوروبي تجاه لبنان لا يرتبط أبداً بوصفة صندوق النقد الدولي التي يبدو أنّ “حزب الله” قرر التصدي لها بشكل واضح وعلني، ما يعني تراجع امكانية التفاهم مع “الصندوق” طالما أنّ “حزب الله” يضع فيتو على هذا السيناريو ربطاً بما قد تنطوي عليه وصفته الاقتصادية من وصاية سياسية تحت عنوان مالي.