كتب طوني ابي نجم في “نداء الوطن”:
نزع “حزب الله” قفازاته وقال نائب أمينه العام بالفم الملآن: “نحن لا نقبل أن نخضع لأدوات استكبارية في العلاج. يعني لا نقبل بالخضوع لصندوق النقد الدولي”.
بات واضحاً بما لا يقبل أي جدل من أوصل لبنان إلى الانهيار الشامل ومن يعرقل أيضاً إمكان قيامه ومعالجة أوضاعه المأسوية. لماذا يرفض “حزب الله” القبول بمساعدة صندوق النقد الدولي؟ حتماً ليس لأن صندوق النقد يفرض إجراءات قاسية على الشعب اللبناني، فأولوية الحزب تكمن في تأمين المصلحة الإيرانية لا اللبنانية، إنما الرفض تحديداً لأن لبنان سيكون ملزماً بتطبيق سلّة إصلاحات تقيّد مداخيل “حزب الله” غير المشروعة، عبر الرقابة الصارمة على المرفأ والمطار والمعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية. كما أن الإصلاحات المطلوبة ستطال بيئة الثنائي الشيعي بشكل مباشر من خلال المسّ سواء بالتعويضات والنظام التقاعدي لموظفي القطاع العام الذي يحتل فيه مناصرو الثنائي الشيعي المرتبة الأولى، أو حتى من خلال إعادة هندسة حجم الإدارة العام وترشيقها.
يعجز “حزب الله” من جهة عن تقديم أي بدائل اقتصادية عبر عرابته إيران العاجزة مالياً واقتصادياً، ومن جهة ثانية يرفض الاستجابة للمطالب الدولية كشرط مسبق لتقديم أي مساعدة، كما يرفض أن ينأى بنفسه عن صراعات المنطقة كمدخل لا مفرّ منه لإصلاح العلاقات اللبنانية مع الدول العربية الخليجية الوحيدة القادرة على مد يد العون للبنان. كل هذه العراقيل التي يضعها الحزب أمام الحكومة بفعل إصراره على المكابرة، تجعل من المصير اللبناني أسوأ من مصير فنزويلا بفعل أن الأخيرة تملك مواد أولية لا يملكها لبنان حتى إشعار آخر.
بالتوازي نجح “حزب الله” على مستوى يتيم في الأشهر الأخيرة، وتحديداً في التركيز الإعلامي لتحميل القطاع المصرفي بقيادة مصرف لبنان كل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع المالية.
“حزب الله” الذي أدرك أنه بات عاجزاً عن استخدام النظام المصرفي اللبناني لغاياته أراد هدم الهيكل على رؤوس الجميع، وذلك عبر ضرب هذا القطاع نهائياً بهدف تحويل الاقتصاد اللبناني إلى “اقتصاد – كاش” ليحاول التهرب من أي رقابة أميركية على الحركة المالية للحزب. ولهذا الهدف يعمل الحزب ووسائل إعلامه بشكل مكثّف على محاولة حرف ثورة 17 تشرين الأول عن هدفها ضد الفاسدين و”كلن يعني كلن” إلى ثورة ضد المصارف ومصرف لبنان حصراً، وذلك يكفل ضمناً حماية مصالح الحزب وحلفائه ويحوّل الأنظار عن حقيقة من أوصلنا إلى ما وصلنا إليه من كوارث مالية واقتصادية أولاً نتيجة تعطيل المؤسسات الدستورية الذي مارسه الحزب طوال المرحلة الماضية، وثانياً نتيجة التموضع الإقليمي الذي حشر فيه “حزب الله” لبنان في مواجهة المجتمعين العربي والدولي ما أدّى إلى حجب كل المساعدات!
قد يكون فيروس كورونا الآتي إلى لبنان من إيران أرحم على اللبنانيين من القيود التي يضعها الحزب على لبنان وحكومته، لأن نتائج هذه القيود والإصرار على وضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي يمهّدان لتحلّل النظام المالي والاقتصادي، في حين أن “كورونا” ومهما بلغت حدته وانتشاره سيبقى فيروساً عارضاً وعابراً ليس أكثر!