العلاقة بين موسكو والمختارة ليست وليدة اللحظة. هي مسار اكتسب البعد الثابت منذ أن فتح كمال جنبلاط أشرعة سفينته الاشتراكية وأبحر فيها باتجاه اليسار الانساني، فكان التقاطع الفكري مع عدد من المفاهيم الشيوعية والنقد البنّاء لبعض نظرياتها. وعلى هذا التقارب والتناظر العقائدي نشأت علاقة سياسية بين الحزب التقدمي الإشتراكي والاتحاد السوڤياتي في حينه، عززتها محطات تلاقٍ سياسية مشتركة في مواقف عديدة. ثم كانت مرحلة للاستكمال والترسيخ مع وليد جنبلاط الذي وقفت موسكو سنداً له في مراحل الحرب الاهلية واستمرت في ما بعد بمرحلة استعادة السلم الاهلي. تباين وحيد سجلته الازمة السورية على خلفية موقف جنبلاط المنتصر لثورة الشعب السوري، وهو تباين لم يفسد في أوجه جوهر العلاقة، التي ما لبثت ان استعادت هذا النمط التفاعلي وتطورت الامور للتنسيق في ملفات مرتبطة بالمباشر بالميدان السوري حيث لروسيا دروها الأساس، وقد لبّت مرات عدة طلبات من جنبلاط لردع بعض الاعمال الحربية من هذا الفريق او ذلك بحق الدروز في سوريا او إطلاق سراح مخطوفين من نساء وأطفال وغير ذلك الكثير.
اليوم تنحو العلاقة باتجاه تطور إيجابي إضافي، بحسب ما تؤكد مصادر الحزب التقدمي الإشتراكي، حيث ان الزيارة التي حكي عنها لجنبلاط الى موسكو قائمة مع تعديل طرأ على موعدها من الشهر الحالي إلى ما بعد منتصف آذار المقبل لضرورات تقنية ليس الا، ولترتيب جدول الاعمال، و”أي حديث عن سبب آخر هو من نسج الخيال”.
ولفتت المصادر الى ان العلاقة التاريخية التي تجمع “الاشتراكي” مع روسيا تتجه في مسار إيجابي وتطور مضطرد؛ وهي تتخذ بعداً إضافياً يستكمل ذلك المسار التاريخي بينهما.
وأوضحت المصادر ان جدول الاعمال لم يحدد بشكل نهائي بعد، لكنه سيتضمن لقاءات أساسية، والبحث سيتناول الأوضاع على الساحتين اللبنانية والاقليمية والتطورات الحاصلة، وتبادل وجهات النظر بشأن الملفات كافة.
ورأت المصادر ان ما يتم تداوله من قبل البعض عن الزيارة من باب السعي للتقليل من أهميتها، إنما يعود الى “غيظ اصحاب هذه التسريبات المعروفي التوجّه، والذين تغضبهم هذه الزيارة بما توحي به من ان العلاقة بين جنبلاط وموسكو اصبحت في مكان مميز، وهو ما يزيد من انزعاجهم فيعملون على محاولة تهشيمها مسبقا وربطها بتحليلاتهم عن مصالح اقتصادية وتجارية، فيما هي أعمق من ذلك بكثير”.