ثمة من سعى لأن تعمّ “احتفالات” في بلد منكوب ومنهار تحت شعار أن لبنان دخل نادي الدول النفطية، وذلك بعد بدء أول عملية حفر استكشافية لبئر نفط في المياه اللبنانية.
لن أدخل في الجدل القائم على قاعدة أن ما يجري هو عملية حفر استكشافية، وأنه من المبكر البدء بـ”الاحتفالات”، لأن أي إفادة من النفط تحتاج إلى ما لا يقلّ عن 9 سنوات. ما آسف له في خضم كل ما يجري أن يكون لبنان يسير عكس التيار في المنطقة كلها، لا بل بين كل دول “النادي النفطي” الشهير!
من يتابع مسار الأمور في كل الدول النفطية الغنية، يدرك أن هذه الدول تضع الخطط وتنفذها لتحرّر اقتصادها من الارتهان لمردود النفط. تأملوا على سبيل المثال في رؤية 2030 السعودية، والتي تحمل الخطط الاقتصادية والرؤية للمملكة ما بعد النفط، وهي تشكل نموذجاً لبناء اقتصاد لا يعتمد على النفط كمردود أساس.
في لبنان نصرّ على السير عكس التيار، ويصرّ المسؤولون على إيهام المواطنين بأنه يمكن الاعتماد على مردود نفط وغاز لا يزالان في البحر لبناء اقتصاد متين للمستقبل، في حين أن المطلوب هو العمل لبناء اقتصاد منتج يقوم على الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات، ضمن شبكة متكاملة، وليس الاعتماد على النفط!
هكذا، وأمام الفشل الذريع لدى الطبقة الحاكمة التي أوصلت لبنان إلى الانهيار المالي والاقتصادي، لا يمانع بعض أركانها الترويج للنفط والدعوة للاحتفال به، متناسين أن دولاً نفطية عدة، ومن بينها من يملك أكبر مخزون عالمي، تعيش شعوبها أسوأ الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية أولاً بسبب فساد الطبقة الحاكمة فيها، وثانياً لأن مسؤوليها لم يبنوا اقتصاداً منتجاً.
كلبناني، لا يعنيني على الإطلاق حفر أول بئر استكشافي في ظل طبقة سياسية فاسدة حتى العظم. ما يمكن أن أحتفل به هو مشهد افتتاح مصنع أو معمل أو فندق… كما سأحتفل حتماً، ويوماً ما، بمشهد محاكمة فاسد وزجّه وراء القضبان!