يوماً عن يوم يكتشف اللبنانيون أنهم متروكون لقدرهم الأسود وسوء طالعهم كونهم يعيشون في كنف دولة لا تعيرهم اهتماماً إلا لماماً؛ ولا تحفل بما يحل بهم من شقاء ولا تهتم بهم لا في الداخل ولا الخارج. ويحار المواطن اللبناني من أية كورونا يحمي نفسه، كورونا الوباء أم كورونا الاقتصاد المنهار، أو كورونا الارتفاع الجنوني في الأسعار، أم كورونا صرف الدولار؟
إلا أن السؤال الأهم في ظل تزايد عدد المصابين بالفيروس وقد بلغوا 7 مساء السبت، هو لماذا تبدو وزارة الصحة يتيمة في التصدي لما يجري في مواجهة خطر كورونا، في حين أن الدول التي أصيبت بهذا الوباء مستنفرة من أعلى موقع فيها إلى أصغر دائرة رسمية أو خاصة.
مصادر مراقبة سألت عبر “الأنباء”: “هل انتهى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من احتفالية التنقيب عن النفط والغاز ليركّزا اهتمام الدولة على الملفات الضاغطة مثل خطر كورونا وجدولة الدين وتسديد استحقاقات اليوروبوند في التاسع من الجاري؟ وهل ستأتي النصيحة من الجهة التي تهيمن على الحكومة بدفع المستحقات أم بتحدي القرارات الدولية؟ وهل تبقى وزارة الصحة وحدها في مواجهة الخطر الوبائي الداهم؟”.
المصادر نفسها توقفت عند الاهتمام البالغ من قبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والحملة المستنفرة من قبل “التقدمي” في كافة المناطق للتوعية والوقاية من هذا الفيروس والتدارك لأخطاره المحدقة.
وكانت شدد “التقدمي” على أنه “مع تفاقم الأزمة الصحية محلياً بعد تفشّي فيروس الكورونا عالمياً، فإن أبسط قواعد العمل المطلوب في مواجهة ما يمكن حصوله، وتفادياً لأي تدهور سريع يمكن أن يحصل على مستوى انتشار هذا المرض المستجد، أن يتم إعلان حالة طوارئ رسمية على مستوى الدولة تطال كل مناحي المؤسسات الرسمية الصحية والتربوية والجمعيات المدنية والشعبية والمجتمع الأهلي والبلديات والأجهزة الأمنية والعسكرية، ومتابعة وحصر أي حالات مشتبه بإصابتها بالمرض، وتطبيق الحجر الصحي اللازم وإجراء الفحوص الطبية المخصصة على كل المعابر الشرعية، وتطبيق تدابير صارمة في المؤسسات العامة والخاصة والأسواق وأماكن التجمّعات، وتقييم الوضع تباعاً، ونشر التوعية للوقاية اللازمة”.
وقد بدت الدولة كمن يستدرك التقصير الذي ارتكبته منذ اليوم الاأول؛ فعمدت تدريجيًا وبعد تأخّر مُكلف إلى التشدد في منع سفر الركاب من دول مصابة بالمرض؛ ثم إلى إقفال المؤسسات التعليمية، وصولاً أمس إلى وقف الأسواق الشعبية؛ لربما يمنع ذلك ولو أتى متأخّراً من تفاقم الأزمة نحو الأسوأ.
وعلى صعيد الأزمات الأخرى، كشفت مصادر حكومية عبر “الأنباء” أن الحكومة وعدت صندوق النقد الدولي بتقديم خطتها بخصوص الإصلاحات ومستحقات اليوروبوند، وهي تميل إلى إعادة جدولة هذه المستحقات على أن يتم تقسيطها على دفعات، وأوضحت أن الحكومة ابلغت وفد صندوق النقد رأيها بهذا الموضوع نظرا للوضع الاقتصادي المتأزم من دون التوصل إلى حسم هذا الأمر معه.
وأملت المصادر نفسها أن “تتمكن الحكومة من معالجة الوضع النقدي المأزوم في مهلة لا تتعدى الشهرين على أبعد تقدير حتى تتمكن من تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وهذا لن يتم إلا بإشراك الجميع بالحل، وحتماً سيكون هناك تضحية في مكان ما”. المصادر رفضت اتهام الحكومة بأنها تخضع لسيطرة حزب الله، وقالت: “ما تتخذه الحكومة من مواقف نابع من قناعاتها ومن مصلحة اللبنانيين”.
وقالت المصادر الحكومية إن رئيس الحكومة حسان دياب بصدد التحضير لجولة عربية قد تبدأ منتصف الشهر المقبل في قطر والكويت، من دون الكشف عما اذا كانت هذه الزيارات بطلب من دياب او تلبية لدعوات قد تلقاها. ولفتت المصادر الى تلقي الرئيس دياب دعوة لزيارة فرنسا أيضا، لكنها أوضحت انه “لن يزور اي بلد غربي قبل ان يزور الدول العربية وبالأخص الدول التي وقفت وما زالت الى جانب لبنان”.