أثار رئيس التيار الوطني الحر ووزير خارجية لبنان السابق جبران باسيل الجدل مجددا بدعوته غير المباشرة للاقتداء بتركيا على خلفية إقدام الأخيرة على فتح حدودها لعبور الآلاف من اللاجئين السوريين إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ولا يخفي باسيل معاداته للنازحين السوريين وسبق أن أظهر إعجابه الشديد بنموذج دول “مجموعة فيسغراد” المعروفة بعدائها للاجئين، داعيا إلى تبني نهجها في حل مشكلة اللجوء التي يواجهها لبنان.
وغرد باسيل الذي يقود تكتل “لبنان القوي” في البرلمان على موقعه في تويتر مساء السبت قائلا “في تركيا هناك 0.3 نازح بكل كم2، وأردوغان عم يطالب أوروبا بالمزيد من الأموال وشوفوا شو عم يصير (انظروا إلى ما يحدث) عالحدود مع اليونان. بلبنان في (هناك) 200 نازح بالكم2 ولا مرة انطرد حدا (أحد) ولا بيجوز، بس (لكن) حقنا نطالب الدول بمتوجباتها تجاهنا. ما رح (لن) نعلّق على يلي (الذين) يتهمونا بالعنصرية ومنعوا الدولة والشعب من الحصول على المساعدات”.
بتركيا في 0.3 نازح/كم٢ واردوغان عم يطالب اوروبا بمزيد من الأموال وشوفوا شو عم يصير عالحدود مع اليونان. بلبنان في 200 نازح/كم٢ ولا مرة انطرد حدا ولا بيجوز، بس حقنا نطالب الدول بمتوجباتها تجاهنا. ما رح نعلّق على يلي اتهمونا بالعنصرية ومنعوا الدولة والشعب من الحصول على المساعدات.GB
وفتحت تركيا منذ الجمعة الماضي حدودها أمام تدفق الآلاف من النازحين من سوريا وجنسيات أخرى نحو الحدود اليونانية. وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن نحو 37 ألف مهاجر غادروا بالفعل حدود البلاد بولاية أدرنة نحو أوروبا حتى مساء السبت. من جهتها أعلنت أثينا الأحد عن منعها في غضون 24 ساعة نحو 10 آلاف مهاجر آتين من تركيا من الدخول بطريقة “غير شرعية” إلى أراضيها.
وتبتز تركيا صراحة الاتحاد الأوروبي من خلال ورقة اللاجئين، لإجباره على دعمها في الحرب التي تخوضها في شمال غرب سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد المدعوم من روسيا، خاصة بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها أنقرة بمقتل أكثر من 65 جنديا لها خلال أقل من شهر.
وعكست تغريدة باسيل إعجابا باندفاع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويرى رئيس التيار الوطني الحر الذي يعد أحد أقطاب السلطة الحالية في لبنان أنه يمكن الاستلهام من الخطوة التركية عبر التلويح أيضا بسياسة الأبواب المفتوحة للضغط على الأوروبيين سياسيا وماليا.
ويواجه لبنان وضعا ماليا واقتصاديا غير مسبوق منذ نهاية الحرب الأهلية (1975/ 1990). وتربط
دول الاتحاد الأوروبي تقديم دعم للبنان بضرورة تنفيذ جملة من الإصلاحات الهيكلية وأيضا في علاقة بمكافحة الهدر والفساد.
ولا تبدو القوى السياسية المتحكمة في المشهد اللبناني في وارد الاستجابة الحقيقية لتنفيذ تلك الإصلاحات باعتبارها ستكون المتأثر المباشر بها، ومن هنا تبرز حاجتها إلى البحث عن حلول جانبية، بيد أن محللين يرون أن وضع لبنان مختلف عن تركيا وأن هذا البلد لا يملك المقومات للذهاب في تحدي الجانب الأوروبي.
ويقول نشطاء لبنانيون وسوريون إن تغريدة باسيل لا تخلو في طياتها من عنصرية وازدراء للاجئين فالرجل يتعاطى مع أزمة إنسانية باعتبارها ورقة ابتزاز.
ويعد التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل في طليعة القوى المعارضة للنازحين السوريين، معتبرين أن وجودهم يشكلون عبئا ثقيلا لا يقدر البلد على تحمله.
وعلى مدار السنوات الأربع الأخيرة قاد باسيل حملات عدة ضد النازحين وفتح قنوات تواصل مباشر مع دمشق لإنهاء هذا الوجود، وبالفعل عاد المئات من السوريين إلى ديارهم إلا أن باسيل يعتبر ذلك دون المطلوب.
وتقول أوساط سياسية أن رفض باسيل للاجئين ليس فقط من منطلق اقتصادي بحت بل هو مرتبط أيضا بخشية متزايدة من توجه لتوطينهم، وهذا سيؤثر مما لا شك فيه على الطبيعة الديموغرافية في لبنان من حيث توسيع الهوة بين المسلمين والمسيحيين، وتداعيات ذلك على نفوذ الطائفة المسيحية التي ينتمي إليها مستقبلا.
وسبق أن أبدى باسيل حينما كان في منصب وزير الخارجية تعاطفه مع جمهوريات تشيكيا والمجر وبولندا وسلوفاكيا لرفضها قبول حصص توزيع اللاجئين التي اقترحها الاتحاد الأوروبي عقب أزمة اللاجئين التي شهدتها القارة الأوروبية في العام 2015 حيث تدفق إليها أكثر من مليون لاجئ معظمهم من سوريا.
وقال باسيل إن تلك الدول “تصرفت وفق مصالحها القومية”، مضيفا “أود أن يكون هذا التوجه مصدر إلهام للبنان، لأنه يجب على كل دولة أن تضع مصالحها القومية على رأس أولوياتها، وفي الوقت الحالي فإن أهم مصلحة وطنية للبنان هي عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم”.
ويستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري منذ العام 2011، وسجلت عودة المئات منهم في السنوات الأخيرة بيد أن معظمهم لا يزال مترددا في ظل خشيتهم من التعرض لعمليات تنكيل من قبل السلطات السورية التي تصنف معظمهم في خانة المعارضين.